الطقس بارد جدّاً في الأرز ليلاً. تجد نفسك مضطرّاً في آب اللهاب لأن تستعين بملابس شباط حتى تصمد في موقع مهرجانات الأرز الدوليّة التي اختتمت ليل أمس عامها الثالث. ختامٌ لسنة كرّست الأرز كأفضل مهرجان لبناني على الإطلاق.
لا تخصّص مهرجانات الأرز الدوليّة مساحةً من آلاف الأمتار المربّعة فقط لإقامة المهرجان. فهذه المساحة تبدأ من مدخل بشري وتشمل البلدة الجبرانيّة وصولا الى الأرز وغابته ومقاهيه وفنادقه، وكلّها كانت تعجّ بالزوّار وأبناء الدار، من دون زحمة السير التي تشكو منها عادةً في أيّام المهرجانات في المناطق. التنظيم هنا مختلف. أمورٌ كثيرة مختلفة. حرارة الاستقبال والاهتمام بالضيف تمنح حرارةً مفقودة طقساً. الوجوه مبتسمة دوماً، ووجه ستريدا جعجع لا تفارقه الابتسامة. تستقبل على المدخل مع عبارة “أهلا وسهلا” تقولها بصوتٍ مرتفع، وبنبرتها “الستريديّة” المعتادة.
أما ليلة المهرجان الختاميّة فجاءت على مستوى فنّي عالٍ جدّاً. احتفل أسامة الرحباني وهبة طوجي بعشر سنوات من التعاون الفنّي، وكان ما قدّماه لائقاً بالحدث وبالمهرجان وبالأرز الذي احتضن قبلهما عاصي ومنصور وفيروز. غنّت هبة أكثر من ساعتين. زرعت المسرح الكبير بخطواتها. هي طاقة نادرة. هي هبة فنيّة. صفّقنا لها، ومنّا من هتف لها، وأضأنا شموعاً صنعت، على الأرجح، أجمل مشهد في مهرجان لبناني منذ كان في لبنان مهرجانات.
انتهى الموسم الثالث من المهرجان. بدأ فوراً الحديث عن السنة المقبلة، وعن البرنامج الفنّي، بعد أن أصبح التحدّي أصعب. الأصعب يصبح سهلاً مع ستريدا جعجع، التي تلاحق وتدخل في التفاصيل وتصنع الفارق. وهي نالت، بعد ليلة مهرجان الأمس، شهادةً من رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع، الذي تابع المهرجان من مكان إقامته في الأرز عبر شاشة mtv، معتبراً أنّ ما يميّز مهرجان الأرز عن بقيّة المهرجانات هو وجود ستريدا “التي لا تنام”. لعلّ “الحكيم” كان يقصد، أيضاً، أنّها لا تدع أحداً ينام. هو وصفها بالـ “ستار”. وهي شكرت جميع من ساهم في صناعة الحلم.
في الأمس، نام سمير وستريدا جعجع على نجاحٍ آخر. هي بدأت تخطّط للموسم الرابع. وهو أجاب، قبل أن يغادر حفلة عشاء أقيمت بعد المهرجان، على “حركشة” زميلتنا دنيز رحمة فخري عن سبب الغياب “العوني” عن ليلة الافتتاح بالقول “كان عندن شي أهم يعملو”.
ما من شَيْءٍ أجمل من ليلة أنس في الأرز… وهذه نصيحة “حكيم”.
داني حداد
mtv.com.lb