المحور الرابع: قطاع التنمية الاجتماعية والثقافية – الجزء الثاني
الموضوع الاول: ثانوية جبران خليل جبران الرسمية
دعوني بادىء ذي بدء ان أتوقف أمام رمزية هذه البقعة الجغرافية التي تحتضن في أرجائها أرز لبنان الشامخ الذي يظلل وادي قنوبين، ومقر البطاركة الموارنة، وذكرى جبران خليل جبران: معالم تشهد بأسرها على عظمة لبنان وجلاله.
ايها الأعزاء،
يسرّني ان أشارككم اليوم هذا المؤتمر التنموي لمنطقة بشرّي متحدثاً عن دور التربية في تحقيق التنمية.
التربية ايها السادة تبدأ بتنشئة الطفل مادياً ومعنوياً وصولاً الى قيادته الى النضج، وهي الرسالة التي تضطلع بها ” المدارس “، تلك المؤسسات الإجتماعية، التعليمية، التربوية، التي تبقى رمزاً لتحرّر الإنسان وخروجه من الجهل.
والتربية تتغيّر بتغيّر المجتمع وفي ذلك دلالة على كونها ممارسة سلوكية عرفت وجودها مع وجود الحياة الإنسانية وتطوّرت أساليبها خصوصاً بعد إرتقائها الى مستوى العلوم التربوية، ما جعلها تلعب دوراً كبيراً في تغيير الأمم وتطويرها لتصبح وسيلة رئيسية للتنمية إنطلاقاً من كون التربية والتعليم مجالاً للإستثمار في رأس المال البشري، وبالتالي فهي تسهم في التنمية الإقتصادية والإجتماعية عبر تأهيل وتخصيص اليد العاملة وتحسين الأحوال المعيشية للمجتمعات.
أيها الأعزاء ،
ان منطقة بشرّي العزيزة، التي عانت طويلاً من الحرمان أو الإهمال ـ دون ان يثنيها ذلك عن المشاركة في المسؤوليات الوطنية الكبرى ـ عادت لتشهد حركة تنموية، تربوية لافتة بفضل التواصل المستمر وحتى الأسبوعي مع نائبيها السيدة ستريدا جعجع والأستاذ إيلي كيروز، وبنتيجة تلك المتابعة تمّت بلورة الحاجات التربوية لقضاء بشرّي من ضمن خطة تنمية القطاع التربوي، وأثمرت إنشاء الثانوية بموازاة مسح شامل لأوضاع وحاجات المدارس الرسمية في القضاء ، إنطلقت في ضوئه ورش تحسين بُناها التحتية إضافة الى ترميم وتجهيز الروضات في المدارس وتأمين تجهيزاتها الضرورية، وتدريب المعلمين والمدراء لاكتساب المزيد من الخبرة ليكونوا جديرين في إسداء دورهم التربوي والقيادي.
وتطبيقًا لهذه الاستراتيجية، تم إنشاء ثانوية جبران خليل جبران (بشرّي سابقاً) بكلفة تبلغ /3,865,045,235,30/ ل.ل لتستوعب 350 تلميذاً وتم تجهيزها من مشروع دراستي، ومنظمة اليونيسف. أضف الى ذلك تزويد مدرستيّ بشري للبنات وحدشيت الرسميتين، حديثاً، بتجهيزات Active Board التي سيجري تدريب المعلمين عليه خلال شهر ايار الجاري، وتأمين التجهيزات اللازمة من طاولات ومقاعد دراسية ووحدات للروضة ومولدات كهربائية لمدارس: حدشيت وبشري للبنات وطورزا وحصرون من الهبات المقدمة من مشروع كتابي واليونيسف والإنماء التربوي (البنك الدولي) والهبة اليابانية ووزارة التربية والتعليم العالي، كما أجريت صيانة وتأهيل مدرستي طورزا وبرحليون الرسميتين، أما مدرسة حدشيت التكميلية الرسمية المختلطة فقد أدرجت ضمن مشروع منظمة اليونيسف لإعادة تأهيلها خلال فترة العطلة الصيفية.
أيها الأعزاء ،
اذا كانت الأهداف الأساسية للتنمية البشرية تتناول تعديل أنماط إستهلاك الموارد الطبيعية، وتحقيق العدالة والإنصاف في العلاقات الإجتماعية ـ الإقتصادية، فمن الضروري مواكبتها بأهداف تربوية ترتكز على تنمية حسّ المشاركة في العائلة والمجتمع ونشر الوعي حول الأخطار الصحية البيئية، وتنمية السلوك اللاعنفي وإعتماد الحوار لحلّ النزاعات، والحث على المشاركة في النشاطات الرياضية والكشفية والفنية المدرسية والإجتماعية، ما يشكل انطلاقة أساسية لمنهاج خدمة المجتمع الذي باشرنا في تطبيقه في المرحلة الثانوية.
وختاماً، لا بد لهذا المؤتمر ان يطلق دينامية جديدة نأمل ان تستمرّ لتبقى هذه البقعة الجغرافية شامخة كأرزها وعظيمة بسيداتها ورجالها.