في السبعينات عندما كنا نتنزه في وادي قاديشا قنوبين لم نكن نتردد ابداً أن نسبح في مياه النهر وحتى أن نشرب منها. ولم يصب احد بضرر أو بمرض من جرّاء هذه التصرفات. أما اليوم فإن الروائح الكريهة تنبعث على مسافة مئات الأمتار من مياه النهر والنفايات من نيلون وعلب وقناني وغيرها تطوف على المياه وتملأ ضفاف النهر. إن هذه الأمور هي القسم الظاهر من المشكلة لأن القسم الخفي هو أخطر بكثير لأن له علاقة بالملوثات الكيميائيّة والتي يمتد ضررها على عشرات السنين. إن التلوث الناتج عن مياه المجارير المبتذلة التي تصب في النهر والبحر تؤدي الى مشاكل كبيرة تضرّ بالبيئة بشكل عام وبالمجالات التي لها علاقة بالإنسان بصورة خاصة: الزراعة- الثروة السمكيّة- المياه الجوفية والينابيع.
أنا أعتبر بأن الطبيعة بأكملها هي معبد الخالق فكم بالحري إذا كانت هذه الطبيعة هي الممتدة من أعماق وادي قنوبين الى أعالي القرنة السوداء، وهي من أجمل بقاع العالم.
فهل نقبل على أنفسنا أن نرمي أوساخنا ونفاياتنا في معبد الخالق؟
إن ما يمكن أن يقوم به الأهالي هو التخفيف قدر المستطاع من استهلاك المواد الملوثة وخصوصاً الخطيرة منها مثل البطاريات ومساحيق التنظيف وزيوت الآلات المحروقة والأدويّة والمبيدات والأسمدة الكيمائيّة…
وبعد استعمال هذه المواد يمكن لهم عدم رميها في الطبيعة والإستعانة بكافة الوسائل التي تساعد على حصر خطر ضررها على الطبيعة مثل استعمال الحفر الصحيّة السليمة أو إنشاء مشاريع تجمبع وتكرير المياه المبتذلة.
توصية الى أهالي منطقة بشري
هذه الأفكار هي برسم الأشخاص الّذين يحبّون الجمال ويتمنّون الخير والصحّة لهم ولأطفالهم وللآخرين: إنّ الطبيعة وبكلّ ما فيها من هواء وماء ويابسة هي ملجأنا الأوّل والأخير. وسلامة الأرض والبيئة والطبيعة هي الشرط الأساسي لإستمرار حياة البشر بشكل مقبول. لذلك يمكننا الحفاظ على جمال وسلامة الأرض إذا حافظنا على الموارد الطبيعيّة، وإذا عملنا على الحدّ من رمي النفايات في الطبيعة. لذلك فإنّ مشروع تكرير المياه المبتذلة هو خطوة مهمّة جدّاً للحدّ من تلوّث الأرض والمياه الجوفية؛ وبالتالي للحفاظ على ينابيع صالحة للشرب وعلى أرض زراعيّة تُعطي منتوجاً سليماً.
مشروع الصرف الصحي سوف يُشكّل نقلة نوعيّة في منطقتنا الّتي قد تكون أوّل منطقة في لبنان تنفّذ مشروعاً جديّاً لتكرير مياه المجارير قبل رميها في الطبيعة وفي الأنهر.