في موازاة انكباب معراب على محاولة البحث عن حلول تخرق الجمود القاتل المتحكم بالازمات الرئاسية والحكومية والمجلسية وكل ما يدور في فلك السياسة اللبنانية، عبر تواصلها مع القوى السياسية من مختلف الاتجاهات والمشارب، يستأثر الهم المعيشي بحيز واسع من اهتمامات رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع الذي يتحرك على أكثر من مستوى وصعيد وخصوصا ما يتصل بملف تصريف التفاح اللبناني على ابواب موسم قطافه، ويُجري للغاية اتصالات ولقاءات داخلية وخارجية تبدأ بالوزارات المعنية ولا تنتهي بالدول العربية والغربية من أجل إنقاذ أحد أبرز القطاعات الانتاجية اللبنانية، الذي يساهم في تحسين الدورة الاقتصادية، ويسهم في دعم المزارعين وإبقائهم في ارضهم وقراهم في مواجهة موجة الهجرة إلى المدن أو الخارج.
وفي حين تحولت “معراب” إلى خلية نحل مواكبة للخطوات والاجراءات العملية، يتولى رئيس “القوات” الإشراف على التفاصيل، ويجري شخصيا اتصالات مفتوحة مع وزير الزراعة أكرم شهيب والدول المعنية.
وفي السياق توجز معراب عبر “المركزية” نتائج حركة الاتصالات التي أجرتها “القوات” على هذا المحور على النحو الاتي:
أولا، تبين من خلال التواصل مع الاتحاد الأوروبي استحالة التصدير في الوقت الحالي الى السوق الأوروبية الذي تحكمه تشريعات اوروبية صارمة لا سيما أنّ انتاج التفاح اللبناني غير مطابق للمعايير الأوروبية، مع الإشارة الى أنّ الحكومة اللبنانية أطلقت مباحثات مع الاتحاد الأوروبي لاعتماد آليات تجعل التفاح اللبناني مطابقاً للمعايير المطلوبة، مع ما يرافق ذلك من منافسة مع منتجات أوروبية أخرى، لكنّه مسار طويل ومعقّد وبالتالي لن يطال الموسم الحالي. لكن “القوات” لم تقف عند هذه الاستحالة، بل حاولت البحث عن أبواب أخرى ومن بينها شراء الاتحاد الأوروبي للتفاح اللبناني وتوزيعه على اللاجئين في لبنان، لكن هذه المحاولة لم تحقق أهدافها ايضا بسبب توقف المجتمع الدولي عن إعطاء اللاجئين السوريين أي مساعدات غذائية واستبدالها بمساعدات مالية.
ثانيا، تم التباحث مع الدولة الفرنسية في إمكانية توسيع إطار عمل Expertise France وهي منظمة فرنسية بتمويل أوروبي تهدف الى هيكلة القطاعات الزراعية بحيث تواكب هذه القطاعات حاجات السوق وتصبح مطابقة للمعايير الأوروبية. لكن بما ان إطار التعاون حالياً مع لبنان يتمّ فقط في قطاع الكرز والخوخ، فقد لقيت “القوات” استعداداً للبحث في إمكانية توسيع إطار هذا التعاون بحيث يشمل قطاع التفاح أيضاً، إضافة الى برامج أخرى يمكن الاستفادة منها لتحسين هذا الإنتاج.
ثالثا، أظهر التواصل الذي أجرته “القوات” مع موسكو الآتي:
أ- تقاعس الجانب اللبناني في عملية التعاون مع السلطات الروسية في هذا المجال.
ب- السوق الروسية سوق كبيرة والمنتوجات اللبنانية غير رائجة السمعة لا سيما وأنّها عبارة عن إنتاج قليل بسعر مرتفع.
ج- السوق الروسية سوق خاصة وبالتالي جل ما يمكن للدولة الروسية أن تقوم به هو تسهيل بعض الإجراءات وربط التجار اللبنانيين بنظرائهم الروس.
د- أمّا لجهة المطالبة بإلغاء الضرائب الجمركية بين لبنان وروسيا أسوة بما قامت به روسيا في ما يتعلق بالمنتجات الزراعية السورية، فقد أشارت السفارة الروسية الى أنّ القرار لم يعد قراراً روسياً بحتاً بل يتعلّق بالاتحاد الجمركي القائم بين دول روسيا- بيلا روسيا- وكازاخستان. وبالتالي يمكن للدولة اللبنانية المطالبة بالدخول في هذا الاتحاد، لكنّه مسار طويل قد يستغرق سنة على الأقل.
وفي سياق حرص “القوات” على فتح السوق الروسية أمام المنتوجات اللبنانية وتحديدا التفاح ستقوم السفارة الروسية بوضع “القوات اللبنانية” على تواصل مع المسؤول المكلف متابعة هذا الملف بغياب ملحق تجاري رسمي، على أن يقوم بتزويدها بأسماء شركات الاستيراد الروسية المعنية.
رابعاً، على المستوى العراقي: عقد اجتماعان في السفارة العراقية حضر أحدهما الأستاذ شوقي دكاش باعتباره عضواً في جمعية الصناعيين اللبنانيين وصاحب شركات زراعية مختصة في هذا المجال، تبين بحصيلتهما الآتي:
– هناك امكانية لبيع التفاح في الأسواق العراقية خصوصا” في الشهر السابع والثامن ومنتصف التاسع إذ بعدها يتمّ ادخال تفاح من ايران وتركيا ينافس التفاح اللبناني من حيث السعر.
– أبدى الجانب العراقي كل الترحاب والاستعداد لتصدير التفاح اللبناني لكنّه لم ينف وجود صعوبات متعدّدة، وان أبدى رغبة في التعاون. ومن هذه الصعوبات: المواصلات لا سيما أنّ طريق البر مقطوع ما يؤدي الى ارتفاع الكلفة- غياب جهات رسمية عراقية تتابع موضوع استيراد التفاح لأنّ السوق العراقية سوق خاصة وبالتالي غياب الرقابة الرسمية – غياب شركات عراقية متخصّصة للاتفاق معها- غياب الرقابة على الأسعار- الصعوبة في تحويل الأموال- الفارق بين السعر الرسمي للدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي، وبين أسعار السوق.
– تمّ الاتفاق مع السفارة العراقية على السعي لقيام جهة لبنانية رسمية تعنى بالشأن الزراعي اللبناني بتوجيه كتاب الى السفارة لطرح قضية التفاح.
– إبداء الاستعداد لاستضافة وفد عراقي رسمي من مستوردي التفاح والفاكهة للبحث عن أفضل الحلول لموضوع توريد التفاح.
– طلب أسماء لمستوردين محتملين للتفاح الى العراق، والحصول على وعد من الجانب العراقي بتأمين تلك اللوائح.
– إبداء الاستعداد لزيارة العراق في حال تمّ التحضير المسبق للزيارة وتزويد المعنيين بأسماء التجار للاتفاق معهم وبحث كل النقاط ومعالجتها.
خامساً، سلم جعجع وزير الخارجية المصري سامح شكري أثناء زيارته لمعراب رسالة الى الرئيس عبد الفتاح السيسي يسأله فيها التدخّل الشخصي والعاجل لتسهيل تصريف التفاح اللبناني إن لجهة إعطاء أولوية لاستيراد التفاح اللبناني، او لجهة تقديم التسهيلات المرفئية.
وتبعاً لما تقدم تبين أن السوق المصرية تبقى الحل الأفضل المتوافر حالياً لتصريف الموسم الحالي، وعلى منتجي التفاح ومصدّريه أن يقوموا بإعلام المعنيين بالعقبات التقنية والسياسية التي تحول دون إتمام هذه العملية للتدخّل أمام السلطات اللبنانية والمصرية حيث يجب.
تجدر الإشارة إلى ان”ايدال” تقوم بدفع 80 ألف ليرة عن كل طن تفاح مصدّر الى الخارج، كما تدعم النقل البحري –على اثر إقفال الطرق البريّة- بحوالي مليوني ليرة عن كل حاوية مبرّدة.