فوق، تحت الغيم مباشرة، بوجه الرب تحت أقدامه، ارتفع القربان المقدس يتلو على مسامع ذاك الاله الشاب الثائر، كلمات الحب التي أغدقها علينا ذات عمر لكل الاعمار.
هناك في الاعالي تحت الغيم مباشرة على وقع حضوره المدوي، انسكب كأس النبيذ خمراً من دمائه، حباً من استشهاده، سكرة ايمان من قيامته، هناك فوق في بشري وعلى ارتفاع 2500 م شاء الاب هاني طوق أن تكون رعيته لتجاور الغيم والصقيع، وتعيش دفء قداس الهب البرد الذي لفح القلوب من ضياء الرب.
“من اربع سنين ومع بداية الصوم بنظّم مسيرة القمر لشكر ربنا على نعمة اتلج والجبال وعلى امنا الطبيعة الخيّرة المليانة من نِعم ربنا ويللي بتحوي الكل ولا تقصي احدا”، يقول الاب هاني الذي انطلق بداية بمسيرة بدأت عند التاسعة ليلاً بالتزامن مع درجات حرارة قاربت الخمسة تحت الصفر لكنها لم تبرّد همّة الكاهن ولا رعيته ولا المشاركين من خارج الرعية للقيام بمسيرة القمر تلك حسبهم ان اللقاء وجسد يسوع يدفء الصقيع وقلوبهم من لهيب حبه.
من محطة الـ Teleski ، انطلقت المسيرة التي استمرت حتى الواحدة ليلا بعد ان توقفت عند منطقة مخفر الدرك كأول محطة قبل استئنافها صوب جبل الارز، “مشينا تحت ضو القمر وكان صقيع ووصلت الحرارة للتسعة تحت الصفر، بس حسّينا حقيقة بالدفا لان كنا نرتاح بمحطات ونصلّي ونرتل وكل حدن يقول شهادة وكأننا كنا بلقاء ذاتي مع حالنا ومع ربنا ضمن الطبيعة لـ خلقها”، ويضيف الاب هاني مشيرا الى ان المشاركين كانوا من الطوائف كافة مسلمين ودروز ومسيحيين “لان الكنيسة تجمع المسيحيين اما الطبيعة فلا تقصي احدا وهي هيكل الله الحقيقي”.
بعد العشاء الذي تخلله فيروزيات وسهرة طرب انتهت عند السادسة صباحا بالتراتيل، انطلق المشاركون عند الساعة الحادية عشرة نحو جبل الثلج حيث نُصب مذبح من الثلج اقيمت فوقه الذبيحة الالهية، لحظة تماه نادرة مع الرب، الذي بدا وكأنه يتسلل بأنظاره من بين الغيم الكثيف الذي تجمهر ليشارك بالذبيحة، وليكون شاهداً على كأس ارتفع عاصفة حق صوب السماء، يتحدى غيماً أسود كثيف هو شر من الانسان وليس من خالقه، ولتشهد الثلوج على قداس أبيض في زمن الصوم حيث القيامة هي درب من درب الجلجلة، وحيث مذبح الثلج لا يذوب…