كثر يتوقفون عند سحرها وأناقتها وحلولها دوماً بين أجمل السياسيات في العالم، وآخرون عند وفائها لزوجها ولقضيتها رغم سنوات الجحيم الاحدى عشرة وما سبقها وتلاها من صعاب، وبعضهم يشيد بصلابتها التي تؤكد دوماً انها تستمدها من الحكيم أكان في ايامه 4114 في المعتقل الانفرادي أو في صفحات عمره التي لم تعرف كلمة خنوع او إستسلام أو رضوخ أو إحباط، ولكن ثمة جانب في ستريدا جعجع يضاًهي هذه النواحي كلها هو النموذج المميز لمفهوم النيابة الذي تمارسه.
فللنيابة في لبنان بعدان أساسيان: البعد الوطني والسياسي والتشريعي من جهة والبعد الخدماتي من جهة أخرى. ولطالما إعتدنا على نواب مصلحة عائلتهم او ربما بلدة في دائرتهم الانتخابية تعلو على مصلحة الوطن، وموقفهم السياسي مرتبط بحساباتهم الشخصية والانتخابية، والهم التشريعي ثانوي لديهم وإن وجد “فلغاية في نفس يعقوب”. نواب همهم جني الارباح والتعهدات والسمسرات، مبتغاهم الحفاظ على اللوحة الزرقاء” لدورات متتالية، هاجسهم إسترضاء أكبر عدد من الناخبين أياً يكن الثمن، مفهومهم للخير العام هو تغطية مطلوب او إخلاء سبيل موقف او تأمين وظيفة لفلان او ترقية لعلتان ونواب وعودهم احلام وردية واعمالهم خطوات خبط عشواء.
أما مع ستريدا جعجع فنموذج ريادي في العمل النيابي. قد يسأل بعضهم عن اسباب مقاربة هذا الامر، خصوصاً ان ليس من عادتي المجاملة او التملّق. في الحقيقة إستوقفني، إقدامها على التقدم بشكوى خطية الى رئيس بلدية بشري بوكالتها كنائب عن جبة بشري وكممثلة عن الامة ضد من استغلوا المحتجزين خلال العاصفة الثلجية في رأس السنة وعمدوا الى بيعهم المأكولات والتجهيزات لمواجهة انقطاع الطريق بأسعار مرتفعة جداً وخيالية بشكل يخالف القوانين ويسيء للسمعة السياحية في المنطقة. هذا مع الإشارة الى أن أهل بشري كعادتهم كانوا خير مضيف للزوار ومن شذّ عن ذلك فقلة قليلة جداً.
مع ستريدا جعجع البُعد الوطني والسياسي مستمد الى جانب تربيتها الشخصية على حب الوطن من كونها ممثلة لـ”القوات اللبنانية” التي لطالما كانت “ام الصبي” في خدمة لبنان. والبعد التشريعي، يتمثل في مشاريع القوانين الكثيرة التي تتقدم بها كتلة “القوات”، ولكن لحقوق المرأة والطفل ومناهضة التعذيب إهتمام خاص من قبلها.
أما في البعد الخدماتي، فبالاضافة الى المفهوم القواتي، يظهر جلياً جانب مميز من شخصية ستريدا. فمهوم الخير العام بالنسبة لها، هو توفير فرص عمل لا تأمين واسطة لحصول ناخب على وظيفة، هو مكافحة آفة المخدرات لا السعي لإخلاء سبيل موقف، هو العمل على شبكة مرورية بشكل علمي لا شق طريق الى منزل فلان وتزفيت الساحة امام دكان علتان. الخير العام يتمثل في العمل بالتوازي على البشر والحجر.
ومن هنا، نرى الورشة التي لا تهدأ التي تقوم بها النائب جعجع وزميلها النائب ايلي كيروز منذ دخولهما الندوة البرلمانية في العام 2005 لرفع الحرمان منذ عشرات السنين عن جبّة بشري لا بل الاستهداف المتعمّد لتغريم بلاد الارز ثمن مواقفها الوطنية ورفضها الانصياع للمحتل.
ورشة في البنى التحتية من طرق واوتستراد دائري وصرف صحي، وتوفير المياه وبرك الري. ورشة للحفاظ على وادي قاديشا وابقائه على لائحة التراث العالمي لانه يمثل الهوية المارونية في الشرق والعالم. ورشة لبناء الانسان المتعلم والمثقف، وابرز المشاريع بناء بيت الطالب الجامعي في الضبيه من قبل مؤسسة “جبل الأرز” التي ترأسها جعجع. ورشة لإستنهاض السياحة والفنون، فالله أنعم على منطقة بشري بكثرة الوزنات السياحية: سياحة دينية، سياحة بيئية، سياحة ثقافية، سياحة ترفيهية ورياضية. ومهرجانات الارز التي أعيد إطلاقها بنجاح باهر وتنظيم لافت في صيف العام 2015 بعد نصف قرن أحد أبرز وجوه هذه الورشة، ومن هنا تأتي خطوة تقديم ستريدا الشكوى المذكورة أعلاه، فالسياحة هي مرآة تعكس كرم اهل بشري وطيبتهم وحسن ضيافتهم وشهامتهم. وفي هذا الاطار تنكب ستريدا، على تعزيز مبدأ السياحة المستدامة وإعداد “الكادر” البَشري.
وميزة هذه الورش التي تقوم بها ستريدا مع كيروز وكافة ابناء المنطقة وبلدياتها ومؤسساتها الاهلية انها عمل مدروس وفق رؤية واضخة وخطة جلية، لا مشاريع موسمية. فستريدا تحترف العمل المؤسساتي، وخير من يعدّ ملفاته ويرتّب اولوياته ويتابع التفاصيل الصغيرة، لجوجة في السعي لتوفير الخير لأهلها، ومتطلبة ممن يعمل معها. كيف لا وهي المؤتمنة على بلاد الارز وموطن قلب جبران.
جورج العاقوري
المصدر: فريق موقع القوات اللبنانية
08/01/2016