spot_img

ذات صلة

جمع

مهرجانات صيف قنات 2024

ككل سنة تتحدى لجنة مهرجانات قنات الأوضاع الصعبة، وتحرص...

مهرجان الطفل في بشري: منصة ترفيهية للأطفال والعائلات

يُعد مهرجان الطفل في بشري ، الذي انطلق قبل...

في عيد القديس شربل… البطريرك الراعي : ” لبنان أرض قداسة وليس أرض حروب ونزاعات وقتل”

توج البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي احتفالات...

كانت امرأة وكانت وطناً…

في العادة لا تظهر ستريدا جعجع في حوارات تلفزيونية طويلة مباشرة، فكانت حلقة “بموضوعية” اختراق لتلك العادة. تبتعد نائب بشري عن الاحاديث الطويلة في السياسة وان كانت مواقفها الواضحة جداً تظهر في تعليقها أحياناً عقب جلسات الرئاسة الفاشلة، او في  تصريحات مقتضبة يقتنصها الصحافيون أحيانا من هنا وهناك.

هذه سيدة تغوص بعملها النيابي الصعب المتعب اللذيذ، تحب ما تعمل، تتمتع بالتعب، تركض اليه حتى عندما يتعب هو منها ويهرول ليستريح،  فتنتشله سريعاً من متعته الزائلة  تلك وتأخذه الى حيث يجب أن يكون، الى وكر النحل حيث تغزل العسل قفيراً قفيراً.

توالت الشهادات بستريدا في الحلقة من رؤساء ووزراء هي على صلة دائمة معهم لتسهيل عملها النيابي، الكل، ومن بينهم وزير “حزب الله” حسين الحاج حسن، أجمعوا على صفة مشتركة، شجاعة وتتابع عملها حتى النهاية، بينما الياس ابو صعب اعتبر انها مثال أعلى يحتذى بالعمل النيابي.

اذن أخذتنا السيدة الى أماكن جديدة في الحلقة الانمائية اذا جاز القول، أبعد من الدعم الكبير والمباشر الذي تناله من الحكيم ومن حزبها بشكل عام، هذه سيدة تتكل على قوتها الذاتية لتحمل هذا الدعم الى ما خلف حدود المكان، بمعنى انها لم تكتف من دعم معنوي مماثل، بل اتكلت على أحلامها الكبيرة والشجاعة النادرة التي اكتسبتها على مدار سنين طويلة من قهر الاحتلال وملاحقته لها وأسر الحكيم، لتحوّل هذه المخزون النادر الى زوادة تعتقت على مهل الى أن خرج الحكيم وعاد وتسلّم قيادة “القوات اللبنانية” والشأن السياسي العام، وانصرفت هي الى عملها النيابي.

بموضوعية مطلقة، لم يشهد في سجل نواب لبنان على سيدة تحيك مشاريعها كالتطريز، ابرة ابرة قطبة بعد قطبة من دون أن تقع في مطبّة التأجيل المتعمّد او الاسترخاء أو المماطلة، والاهم من كل ذلك، الاستفادة الشخصية لها وللمحسوبين عليها وما شابه، يخلو سجل ستريدا جعجع من التنفيعات، وهذا ما يأخذه عليها البعض من أهالي بشري اذ يعتبرون انها “ما بتخدم”، صحيح ستريدا جعجع ما بتخدم وذهبت أبعد من ذلك حين رفعت دعواها القضائية الشهيرة في كانون الاول الماضي، على شباب من بشري وهم من محازبي القوات لانهم  اساؤوا الى صورة بشري السياحية ليلة رأس السنة، ولم تبال بما قد يقال عنها، وهذه جرأة.

قد تكون حلقة ستريدا خلت من الاثارة الاعلامية المعتادة، فالاثارة والنجاح في المفهوم اللبناني ومفهوم الحوارات السياسية عموما، أن يجلس سياسيون من أحزاب متناقضة ويبدأ الصراخ والسجال العقيم والشتيمة، خلت حلقة ستريدا من كل ذلك كما خلت من السياسة بمعنى التحليل وان كانت خلفيتها مشبعة بالسياسة.

فلشت السيدة اوراقها وارقامها المفصلّة، اخبرتنا ما فعلت ببشري واين كان القضاء قبل الـ 2005 وأين اصبح الآن، شاهدنا الاوتوسترادات والمؤسسات وبرك المياة والمهرجان وبيت الطالب وكل ما تمكنت ان تقوم به بأموال طائلة في غالبيتها هبات عربية وأجنبية سعت اليها بمجهودها الشخصي. هذا حديث ممل لا يأخذ الناس الى الحماس، لا يحب بعضهم أن يرى نائباً ناجحاً لانه يعكس فشل نواب آخرين، فكيف اذا كانت النائب امرأة في “القوات اللبنانية”؟

هذه نكسة! هذا ما حصل، أوقعت ستريدا الكثير من نواب البرلمان بالنكسة، كشفت بعض ما لديها من غليان الحركة وكل نجاحاتها وشفافيتها في مقابل كل ما لدى الاخرين من تقاعس، كشفت ان العمل النيابي هو أسمى حركة تشريعية سياسية شعبية اجتماعية عندما يأخذ هموم الناس والارض الى الناس والارض ويقدم لهم حاله ليكون على قدر قيمة هذا الارض وتلك الكرسي، وليس العمل النيابي مجرد كرسي نلصق به لتلتصق بنا صفة السرقات والتخاذل والاستلشاق.

بالاخضر لون الارز، تحدثت ستريدا بهدوء ورصانة وحماس لتظهر للناس فرح ما فعلته وتفعله، فكانت امرأة لتكون وطنا، ونحن في هذه الواحة ننتمي الى هذا الوطن سيدتي…

فيرا بو منصف

10 آذار 2016

spot_imgspot_img