تتحلى بجمال طبيعي ومتنوع ، وقد دعيت بقرية ” المئة شاعر وشاعر” .
فوق أكمة تطلّ على البحر ومنطقة الكورة في آن معاً، تقع بلدة برحليون الرابضة في جوار “جبة بشري” ببيوتها الأثرية ومعالمها التي تعود الى مختلف العصور التاريخية ، حيث تحوطها الآثار القديمة من كل جانب. كما تضم عدداً من النواويس المحفورة في الصخر التي إستخدمت لدفن الملوك والامراء، إضافة إلى أنها تضم أديرة أثرية قديمة . برحليون المطلة على سهل الكورة ، والتي تغفو في حضن طبيعة صخرية هادئة ، عرف أهاليها كيفية تطويع ارضها فأطاعتهم، فكانوا ينحتون صخورها ليجعلوها رياضا ً غنّاءً ، فأمدتهم خيراتها بكل ما يحتاجون اليه لتأمين حياة كريمة .
موقعها
تقع برحليون الى الجهة الغربية من قضاء بشري، الذي عرف عبر التاريخ باسم جبة بشري. وتحتل منحدراً فسيحاً يتجه صعداً من الغرب باتجاه الشرق بخط مستقيم ، ويتدرّج صُعُداً من أسفل محلة شيرا ، أي من ارتفاع 625 متراً عن سطح البحر ، حتى مقر سيدة ديرونا على علو 1325 متراً، ثم ينحدر قليلاً ليتابع ارتفاعه حتى قمة «تلة القموعة» المرتفعة 1375 متراً عن سطح البحر. يحدّها من الشرق بيت منذر وحدث الجبة، ومن الغرب قرى بنهران ومتريت ورشدبين التابعة لقضاء الكورة، ومن الشمال الغربي مغر الأحول، ومن الجنوب خراج قرية حردين التابعة لقضاء البترون. وتبعد 25 كيلومتراً عن بشري، مركز القضاء، و30 كيلومتراً عن مدينة طرابلس، عاصمة الشمال، و100 كيلومتر عن العاصمة بيروت. تتبع إدارياً لقضاء بشري، وقضائياً لمحكمة أميون في قضاء الكورة. فيها مجلس بلدي أنشئ العام 1964.
أصل التسمية
أجمعت المراجع كلها على أن كلمة برحليون سريانية الأصل، فهي تتألف من «بر» بمعنى الإبن، و«حليو» بمعنى الحلو أو الجميل، فيكون معناها الإبن الحلو . أما أبناء القرية فيعتبرون أن اسمها يعني “البئر الحلو”، معتمدين على وجود الكثير من خوابي الدبس ومعاصر العنب في القرية . وجاء في كتاب «برحليون بوابة جبّة بشري» للأستاذ مجيد طراد أنه «لعل «حليو» مقلوبة عن «حيلو»، والحَيْل أو الحَوْل تعني القدرة والقوة إذ يقال «لا حيل أو لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم»، ذلك أن العديد من رجالها اشتهروا بقوتهم البدنية وباتوا مضرب مثل في القرى المجاورة . أما محلة شيرا – وهي قرية مستقلة من قرى بشري حسب المصادر التاريخية – فهي جزء من برحليون، ومعنى اسمها في السريانية «الحرير»، الأمر الذي تثبته زراعة التوت في تلك الناحية بحيث شكلت العمود الفقري لاقتصاد سكان تلك المنطقة حتى بدايات القرن العشرين.
المعالم الأثرية في برحليون
تكثر في برحليون المعالم التي تثير اهتمام هواة التنقيب عن الآثار، ويتناقل البرحليونيون، قديماً وحديثاً، أخبار الذين عثروا على كنوز ذهبية أو تماثيل معدنية ذات قيمة . في أعلى تلة القموعة،التي يصل ارتفاعها الى 1375 متراً عن سطح البحر يوجد موقع يحتوي على حجارة ضخمة مقصّبة قِطَعاً مستطيلة بعضها ما زال قائماً، والآخر سقط وتوزّع في المكان محافظاً على روعته . أما أسلوب البناء في الموقع فروماني الطراز يشبه الى حد بعيد حجارة بعلبك المتوسطة الحجم . وقد يكون البناء إحدى القلاع أو أبراج المراقبة نظراً الى موقعه الإستراتيجي المهم الذي يتحكم بأحد المنافذ القليلة المؤدية الى بلاد الشام عبر جبال لبنان الشمالي . والى جانب الموقع آبار مخروطية الشكل محفورة في صخور مسطحة صلبة ويراوح قطر فوهاتها بين المتر ونصف المتر تقريباً، ثم تتسع تدريجاً نحو الأسفل حتى يبلغ قطر قاعدتها خمسة أمتار على عمق ستة أمتار تقريباً. وكانت هذه الآبار تستعمل لجمع مياه الأمطار .
الموقع الثاني هو موقع بعـفـشا، أو منطقة الخرايب، ويقع الى الجهة الشرقية الشمالية من القـرية على تلة ترتفع 1050 متراً عن سطح البحر. وهي تضم العديد من الآبار المخروطية، والى جانبها آثار أبنية عديدة متقاربة الأحجام مجاورة بعضها لبعض ، وما يزال بعض جدرانها قائماً. وعلى مسافة كيلومتر تقريباً الى الجهة السفلى آبار مخروطية ما زال أصحاب الأملاك يستخدمونها حتى اليوم لتخزين المياه لمواشيهم. وأخيراً تنتشر في أماكن متعددة من القرية غرف جنائزية وهي قبور مستطيلة منحوتة بدقة في الصخر ويعود معظمها الى العصور البيزنطية، ويحتوي بعض هذه الغرف هياكل عظمية مفككة.
الحضور السكاني في برحليون وفي الاغتراب
يرقى تاريخ الحضور السكاني في برحليون الى عصور قديمة جداً ، ودليلنا نواويس وخرائب منتشرة بوفرة في نواحي القرية كافة، بالإضافة الى أطلال معاصر، وآبار مخروطية محفورة في الصخر الصلد. كما تـدل أسماء بعض المواقع في القرية مثل: عين سعيد وعين عيسى وعين بو فيصل والبطحانية والزغبية والداغرية ، على ارتباطها بأشخاص وعائلات اختفى أثرها وذكرها، وتخلدت بأطلال منازل استمرت بادية للعيان حتى وقت قريب ، كما مع آل الزغبي الذين كانوا يقطنون في وسط القرية ثم رحلوا الى بلدة دار بعشتار الكورانية. أما الوجود السكاني القريب العهد فيعود الى بداية القرن السادس عشر، وقد ورد في أقدم إحصاء سكاني لقـرية ناحية بشري جرى العام 1519 أن عدد المتزوّجين في برحليون بلغ 7 أشخاص، وبمعدل 6 أشخاص للعائلة الواحدة حسب تقدير تلك الأيام، فيكون عدد سكان برحليون عصرذاك بحدود 42 نسمة. وارتفع عدد المتزوجين في إحصاء العام 1571 الى ثلاثين شخصاً ليكون عدد السكان 180 نسمة. ولكن مع ضريبة ” القشلق ” التي فرضتها الدولة العثمانية العام 1572 خلت برحليون من ساكنيها ، كما قرى أخرى كثيرة . العام 1759، ثار أبناء الجبّة على حكم آل حمادة فأطاحوه وطردوا أتباعه وتولوا بأنفسهم حكم البلاد. وراح الحضور السكاني في برحليون ينمو وينتشر في ظل حكم مشايخ القرى . وفي الإحصاء السكاني لعام 1862 بلغ عدد سكان برحليون 92 نسمة. وفي إحصاء لاحق جرى العام 1900 كان عددهم 323 نسمة يضاف اليهم 40 نسمة في محلة شيرا التابعة للقرية. ومعنى هذا أن التزايد السكاني خلال حوالى 40 سنة كان 271 نسمة، وهي نسبة تزايد يستحيل أن تقع بالتوالد من العدد الأول – أي 92 – . ولا شك في أن هناك وافدين استقروا في القرية وانتموا اليها. أما في إحصاء العام 1903 فقد بلغ العدد 350 نسمة، يضاف اليها 60 نسمة في شيرا . العام 1970، ووفق إحصاء أجراه نادي التضامن البرحليوني ناهز عدد البرحليونيين الألف نسمة. والعام 2005 أظهرت القوائم الإنتخابية أن عدد الناخبين والناخبات يتجاوز 1150، الأمر الذي يفيد بأن عدد سكان القرية قد تجاوز الألفي نسمة .
من ناحية ثانية هناك برحليون أخرى وأكبر موزّعة في دول الإنتشار اللبناني ، ففي أوستراليا أكثر من ألف نسمة، وفي كل من الولايات المتحدة الأميركية والمكسيك ما يزيد على 300 نسمة، وفي الأرجنتين حوالى 150 نسمة، وفي كندا حوالى المئة.
عائلات برحليون اليوم
أبي نادر، الخوري حنا القسيس، خليفة، داغر، ديب ديب، سرور، سندروسي، طراد، عكاري، العلم، كرم، مسلـّم، نادر، يزبك.
ألاديرة في برحليون
دير ديرونا، ويعود تاريخه الى عام 1280″.
دير مار نوهرا، من المحتمل أن يكون قد بني تخليداً للقديس لوسيان الذي قدِم الى جبة بشري مع بداية التبشير المسيحي واستشهد فيها.
دير مار أسطفان، كان مركزاً للرهبان النسّاك ويتناقل المسنّون البرحليونيون أن الأمطار الغزيرة جرفت صخرة كبيرة الحجم ورمتها على سطحه المعقود فأزاحت بعض حجارة العقد واستقرت مكانها، وما تزال الى اليوم، ويعتبر الرواة هذه الحادثة من معجزات القديس اسطفان.
دير القديسين قوزما ودميانوس
لا يعرف تاريخ بنائه بالضبط وإن كان مؤكداً أنه يعود الى القرن الخامس عشر أو قبله حسب البطريرك الدويهي في كتابه ” تاريخ الأزمنة “. وفي منتصف القرن العشرين وعلى بُعد عشرة أمتار من بقايا هذا الدير ، شيّد أبناء شيرا كنيسة جديدة على اسم القديسين قوزما ودميانوس.
من رجالات برحليون
– القاضي سليم الخوري سمعان أبي نادر. كان وراء إنشاء أول مجلس بلدي فيها العام 1964. من أبرز أعماله إصدار مجموعة التشريع اللبناني .
– دارل ملحم طراد، نائب ووزير في حزب العمال الأوسترالي .
– ريمون ملحم طراد، عالم في الكيمياء والأدوية .
– الخور أسقف يوحنا جريج طراد، منحه البابا يوحنا بولس الثاني رتبة عضو شرف في الحرس البابوي .