بعد غياب دام خمس سنوات بسبب الأزمات المتلاحقة، عادت “مهرجانات الأرز الدولية” هذا الصيف لتضيء سماء لبنان من جديد، بشعارها “رجعنا يا لبنان”حاملة معها رسالة أمل وإصرار على الحياة، في مبادرة أرادتها النائب ستريدا جعجع أن تكون أكثر من مجرّد احتفال فني موسمي، بل منصة وطنية ودولية تؤكد أن لبنان، رغم كل المحن، لا يزال منارة للفن والجمال والثقافة، وبلدا يحوّل التحديات إلى فرص للنهوض والإبداع.
وهكذا، تحوّلت “مهرجانات الأرز الدولية” 2025 إلى تجربة متكاملة، جمعت الفن والثقافة والطبيعة والهوية اللبنانية، وأثبتت أن الإرادة والتصميم قادران على صنع المستحيل. فالأرز عاد ليحكي قصة الوطن من جديد، لا كرمز للصمود فحسب، بل كجسر يربط بين الماضي والمستقبل، بين لبنان وأوسع آفاق العالم
رغم الطابع الفني المميز، حمل المهرجان أيضا بُعدا إقتصاديا وسياحيا مهما. فقد استقطب نحو 30 ألف زائر من لبنان والخارج، ليعيشوا سحر الطبيعة ووهج الفن تحت ظلال الأرز الخالد. وأسهم في إنعاش الحركة الاقتصادية في قضاء بشري، حيث عرفت موسماً استثنائياً، شهدت خلاله المطاعم والفنادق والمؤسسات السياحية ومحطات الوقود والمحال التجارية انتعاشا كبيرا، مع تقديرات للعائدات بلغت نحو 8 ملايين دولار. ما جعله نموذجا حيا ً عن قدرة الفعاليات الثقافية الكبرى على تحريك العجلة الاقتصادية وتعزيز موقع المنطقة كوجهة سياحية رائدة.
في 19 تموز 2025، شهدت منطقة الأرز أمسية افتتاحية استثنائية، قدّمت خلالها فرقة “ميّاس” العالمية عرضا مبهرا حمل عنوان ” العودة” ، خطف الأنفاس ولامس القلوب، فامتزج الرقص بالرمز، والجمال بالإبداع، واستحضرت جبران خليل جبران من عمق إبداعه العالمي، ودخل الحضور في حال من الانبهار والسحر، مع أجساد تمايلت على الأنغام ، وسط حشد جماهيري كبير ملأ المدرجات وقد تميّز الافتتاح بحضور سياسي ورسمي رفيع، اذ شاركت فيه الرئيسة الاولى ممثلة فخامة رئيس الجمهورية، غبطة البطريرك بشارة الراعي، رئيس الحكومة نواف سلام وعقيلته، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الى جانب 17 سفيرا ً معتمدا ً في لبنان، ما أضفى على المهرجان بعدا ً وطنيا ً ودبلوماسيا ً أكد مكانة الارز في قلب لبنان والعالم.
وتنوّع البرنامج الفني هذا العام ليجمع بين الأصالة والحداثة. ففي 26 تموز أحيا النجم اللبناني وائل كفوري أمسية غنائية مميزة تفاعل معها الآلاف من الحاضرين.
وتحولوا جميعا، من دون استثناء، الى كورال مرافق لوائل وبصوت واحد!
فيما شكلت سهرة 30 تموز موعدا ً شبابيا ً استثنائيا ً مع النجم العالمي بلاك كوفي الذي قدّم عرضا موسيقيا صاخبا حوّل الأجواء إلى احتفال فريد على أرض الأرز. ليلة Black Coffee لم تكن أبدًا مجرّد سهرة موسيقية عابرة، بل حملت معها رسالة واضحة أرادت لجنة المهرجانات إيصالها إلى كل بيت في لبنان وإلى كل شاب وشابة على هذه الأرض: “أنتم لستم على الهامش، أنتم في القلب، في العمق، في أساس البناء الجديد لهذا الوطن”.
إن نجاح “مهرجانات الأرز الدولية” لصيف 2025، لم يكن مجرد عودة فنية، ولا مجرّد عروض يصفّق لها الجمهور وتنتهي مع نهاية العرض. بل كانت تأكيدا أن لبنان قادر، مهما اشتدت الأزمات، أن ينهض من جديد. تجربة جمعت بين الفن والثقافة ، أعادت إلى الأرز نبضه وإلى لبنان وهجه. انها رسالة واضحة بأن هذا الوطن، الذي يرفض الاستسلام، يستطيع أن يكون شعلة حضارة في الشرق، وفي الوقت نفسه رافعة اقتصادية وسياحية حقيقية لأبنائه ومناطقه.
لقد كان صيف 2025 شاهداً على أن الأرز لا يكتفي بأن يكون رمزاً وطنياً، بل هو يجمع القلوب على الإبداع والجمال.
“مهرجانات الأرز الدولية”، رسالة رجاء وأمل وطمأنينة لجميع اللبنانيين. فلبنان لا يزال يختزن في شعبه وفي طبيعته وفي تراثه طاقة الحياة والنهوض.
غازي جعجع



