
رغم التقدّم الذي حققته المرأة اللبنانية في مجالات عدّة، لا تزال مشاركتها في الحياة السياسية محدودة، ولا تعكس قدراتها الفعلية ولا حجم عطاءاتها. فالمرأة اللبنانية لم تكن يومًا على هامش الأحداث، بل لعبت دورًا محوريًا في أشدّ المراحل التي مرّ بها لبنان. في كل تلك المحطات، كانت المرأة مقاتلة، ومناضلة، وصامدة، تؤدي دورًا أساسياً في الحفاظ على النسيج الاجتماعي ودعم المجتمع.
ومع هذه الخلفية النضالية الغنية، لا تزال المرأة اللبنانية تعاني من ضعف في التمثيل السياسي، خصوصًا على صعيدي المجالس النيابية والبلدية. لكن وسط هذا الواقع، برزت تجربة مميّزة في قضاء بشري، حملت معها بصيص أمل وإمكانات تغيير حقيقية. فقد عملت النائب ستريدا جعجع على تعزيز مشاركة المرأة في الحكم المحلي، من خلال دعمها للوائح بلدية شجّعت تمثيل النساء فيها، ما أدى إلى تسجيل أعلى نسبة مشاركة نسائية في البلديات على مستوى لبنان، حيث بلغت نسبة النساء المنتخبات في بلديات قضاء بشري الـ12 26.42%.
هذا الإنجاز لا يعكس فقط وعيًا متزايدًا بأهمية الشراكة بين الجنسين، بل يشكّل أيضًا خطوة جريئة نحو ترسيخ مشاركة المرأة في صنع القرار المحلي والوطني.
تُثبت تجربة بشري أن المرأة قادرة على القيادة والمساهمة الفاعلة، وأن إشراكها في الحياة السياسية يفتح آفاقا واسعة لتحقيق تنمية متوازنة ومستدامة. وهذه التجربة “البشراوية” ليست الأولى من نوعها، إذ إن النائب ستريدا جعجع شكّلت منذ سنوات نموذجا ً رائداً للمرأة السياسية في لبنان والمنطقة. فقد اختارت درب النضال يوم اعتقل زوجها، رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع، واستمرّت في هذا النهج المقاوِم حتى بعد تبدّل الظروف، لتقدّم هذا النموذج المطلوب اليوم تعميمه في كل لبنان، والعمل الجاد على إزالة العوائق البنيوية والثقافية التي لا تزال تحدّ من حضور المرأة في الشأن العام.