“سقوط نظام الأسد” في سوريا يمثل حدثاً إقليمياً ودولياً بارزاً، وزلزالاً سياسياً بكل ما للكلمة من معنى، ستظل ارتداداته وأصداؤه تتردد طويلاً في أرجاء المنطقة. وسيستغرق الأمر وقتاً لاستيعاب ما حصل وتداعياته ونتائجه على سوريا وعلى مستوى المنطقة بأسرها.
يُضاف “سقوط نظام الأسد” إلى قائمة الأيام المفصلية التي تُصنّف كتحوّلات كبرى في مجرى التاريخ، والتي تترك أثراً عميقاً في الوجدان الجماعي للشعب السوري وكل من عانى من سياسات هذا النظام القمعي والأمني.
“السقوط المدوّي” و”الانهيار المذهل” لنظام الأسد يعلنان نهاية حقبة وبداية مرحلة جديدة في سوريا ولبنان والمنطقة. في لبنان، الذي يُعد البلد الأكثر تأثراً بهذا الحدث العظيم، كان نظام الأسد قد حكمه بالدم والنار، وتعامل معه كجزء من سوريا وامتداد لها.
سيحتاج اللبنانيون وقتاً لاستيعاب هذا التغيير الجذري والتكيف مع الوضع الجديد، بعد أن عاشوا خمسين عاماً تحت وطأة الوصاية السورية وتدخلاتها المباشرة وغير المباشرة في شؤونهم الداخلية، التي عاثت فسادا وتخريبا في الدولة ومؤسساتها، وأمعنت في ضرب التوازنات والخصائص اللبنانية عبر سياسة قمع واغتيالات….
سقوط نظام الأسد يمثل فرصة ذهبية لإعادة بناء مشروع الدولة اللبنانية على أسس جديدة وصلبة، بعيداً عن التدخلات الخارجية المباشرة. كما أنه يحدّ بشكل كبير من النفوذ الإيراني في لبنان عبر حزب الله، الذي فقد بسقوط النظام السوري شريانه الحيوي وطريق إمداداته الأساسية مع إيران. وقد تلقى الحزب، في غضون أشهر قليلة، ثلاث ضربات قاسية: اغتيال قائده السيد حسن نصرالله، اتفاق وقف إطلاق النار بشروط إسرائيلية قاسية، وأخيراً سقوط النظام السوري، الذي كان يشكل عمقه الحيوي. هذا التطور سيؤدي بشكل تلقائي إلى ضبط الحدود السورية-اللبنانية، ووقف تدفق السلاح الإيراني عبر سوريا إلى لبنان، مما سيؤثر على قدرة الحزب على إعادة تكوين ترسانته العسكرية.
الحدث السوري الكبير ستكون له تداعيات مستمرة على الداخل اللبناني، تشمل إعادة صياغة الحوار الوطني، إعادة التوازن السياسي والطائفي، ومراجعة مستقبل النظام السياسي اللبناني بشكل شامل.
التغيرات الكبيرة والمتسارعة التي شهدتها المنطقة انعكست سريعا ً على لبنان، حيث أصبحت المسافة للوصول إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية تضيق أكثر فأكثر. الحراك والاتصالات والمشاورات التي بدأت بين الأطراف السياسية يجب أن تثمر حلًّا نهائيا ً للشغور الرئاسي، واختيار رئيس يلبي طموحات الشعب اللبناني بعد معاناة طويلة.
نريد رئيسًا يشكل مدخلًا لعبور لبنان نحو دولة حديثة، نحو جمهورية قوية بجيشها وشعبها ومؤسساتها. رئيسًا ملتزمًا بتنفيذ كامل بنود اتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701 بجميع مندرجاته، يعمل على وضع حدّ للسلاح غير الشرعي، وتسليمه للدولة، وبسط السيادة على كامل الأراضي اللبنانية. رئيسًا يعزز ضبط الحدود الجنوبية ومع سوريا،، ويغلق المعابر غير الشرعية لضمان أمن لبنان. لأنه من اليوم، لا كلمة تعلو فوق كلمة الدستور واتفاق الطائف. العالم أجمع يراقبنا اليوم، وعلينا أن نكون على قدر المسؤولية للنهوض بلبنان مجددًا، بعيدًا عن سلاح الأمر الواقع الذي جعل من وطننا جزيرة إيرانية معزولة عن المجتمع الدولي.
لبنان يدخل اليوم مرحلة جديدة تحمل آمالًا كبيرة ببناء جمهورية قوية ودولة حقيقية.
ومَن أحرص على لبنان من رئيس حزب “القوات اللبنانية” لتولي منصب الرئاسة؟ معظم من يتربعون اليوم على عرش السلطة هم صنيعة النظام السوري البائد، وقد وصلوا إلى الحكم بسواعد آل الأسد، واستمروا في عروشهم. لذا، ألا يحق لنا أن نسأل: ألم يحن الوقت لأن يتصدر مَن خدم لبنان وشعبه بصدق موقع الرئاسة كما خدمه في زمن المقاومة الفعلية؟
مَن أفضل من سمير جعجع للرئاسة؟ مَن أفضل من جعجع لبناء لبنان والجمهورية القوية والدولة القادرة؟ مَن أفضل من سمير جعجع في تطبيق الدستور والقوانين، وتنفيذ القرارات الدولية، وبسط سلطة الجيش على كامل الأراضي اللبنانية؟
من قال ان زمن الأعاجيب قد ولّى ؟ ميلاد مجيد وعام سعيد للبنان جديد
غازي جعجع