حوصر الحكيم بناسه في بشري، حوصرت بشري بحضور الحكيم فيها. اكثر من ستة آلاف مواطن وفدوا الى بشري للمشاركة في المهرجان الانتخابي الذي اقامته القوات اللبنانية للنائب ستريدا جعجع والمرشح جوزيف اسحق، فتحوّل المهرجان الانتخابي الى لقاء عائلي عاصف بين الرجل الذي لطالما غمر المكان من حضور الكرامة فيه، وبين ناس المكان الذين لطالما بادلوه عواصف الاحترام والنضال والمقاومة لاجل وطن حر، لاجل بشري دائما حلوة حرة مزدهرة، لاجل وطن لا يشبه الا ارز الرب وليس اقل، وطن هو عبق من قداسة الارض والجبال والوديان، ووطنهم من بشري الى لبنان ومن لبنان الى العالم.
للحظة بدا وكان اختُصر العالم في ذاك المكان، بشري، اكثر من ثلاثة الاف مواطن انهمروا حباً حماساً وفاء، وفاء لا يقابله الا الوفاء ذاته، للرجل، للقاء الرجل الذي لم يبادلهم يوما باقل من تلك المحبة والوفاء، ولاجل تلك السيدة التي واكبتهم باحزانهم وافراحهم منذ ذلك الاعتقال حتى اللحظة، وحوّلت المكان من فضاء منسي مهمل مهمّش، الى قضاء تضحك له زهور الربيع، قضاء صار يتبوأ افضل الاماكن المزدهرة اقتصادياً وسياحياً في لبنان، وواكبها في كل التفاصيل. ثلاثة الاف مواطن انهمروا الى المكان للقاء الحكيم، صافحوه بحرارة، ولو قدر له لصافحهم فرداً فرداً، انهمر الارز والورد والزغاريد فوق عيون الحكيم التي غصّت بقلبه، شوارع القضاء ازدحمت بمئات السيارات المزينة باعلام القوات اللبنانية، ضمن مواكب اجتاحت الاوتوسترادات، ولعلعت اصوات الزمامير وصدحت اناشيد القوات في كل الارجاء، وحاصرت المداخل والمفارق والطرقات، كمن يريد ان يأسر الرجل في قلب المكان ليبقى الفرح اسيراً ولتبقى الكرامة عز اللحظات.
ولم يكن بالضرورة ان يبقى الحكيم في شوارع العيون لتبقى الكرامة والفرح والتهليل لمن صنع مجد القوات اللبنانية بشفافيته وصدقه ووطنيته الخالصة، فناس المكان – كما كل الامكنة التي تغص بنا في كل بقعة من لبنان، هم وجهه وهو وجههم جميعاً، حيث هم نحن وهو، وحيث هو نحن وهم، ترفعنا الكرامة على الراحات ونهتف لعرس اللحظات فينا كما هتف احد الرفاق “يخليلي قلبك يا حكيم”.