يقال إن رجلا اسمه خليل عساف حاول إثر انتهاء الحرب العالمية الأولى، إدخال أنواع جديدة من التفاح إلى لبنان وتعليم الفلاحين على زراعته، بعد عقود من عيشه في الولايات المتحدة وعمله في قطاع الزراعة هناك. كما أن موريس الجميل، حاول بعد عودته من فرنسا في الثلاثينيات، تحديث القطاع الزراعي في بلدته بكفيا. فعمد إلى انشاء تعاونيات ومعارض ثمار وغيرها من الخطوات، التي ظن أنها ستنشط القطاع الزراعي . بالنسبة إلى الجميل كانت زراعة التفاح جزءاً من خطوات التحديث تلك، فعمد إلى قطع أشجار التوت في بستانه وزرع مكانها التفاح.
بعد نجاح زراعة التفاح في العقود اللاحقة، تمدد صيت الشجرة سريعا ً، وارتكزت زراعتها في البقاع والجبل اللبناني. وهكذا، حلت الزراعة الحديثة يومها مكان زراعة التوت، التي توقفت مع تراجع صناعة الحرير. أصبحت الشجرة رمزاً لمناطق الجبل اللبناني.
لكن منذ سنوات تشهد زراعة التفاح انحداراً ملحوظاً .
منذ عقود ويعاني انتاج التفاح في بشري ومنطقتها الكثير من المشاكل، خصوصا ً لناحية تصريف الانتاج، خاصة وان السوق المحلي لا يستهلك سوى نسبة 30 % من الانتاج، أضف الى ذلك المنافسة الاجنبية الموجودة في الاسوا، والدولة غير جدية في وضع حد ّ لها. وقد تفاقمت مشكلة التصريف الى الخارج بعد اقفال التصدير البري من سوريا الى اسواق الاردن والعراق نتيجة الحروب الدائرة فيها. كما أن ابواب التصدير الى الخليج مقفلة بسبب عدم مطابقة التفاح لمعايير ألاسواق فيه. أضف الى ذلك أن الانخفاض الحاد في قيمة العملة المصرية منذ ثلاث سنوات أثر سلبا ً على التصدير اليها.
إنتاج التفاح في قضاء بشري – الوضع في السنوات السابقة
- إنتاج قضاء بشري لعام ٢٠١٦ بلغ تقريباً 1.060.000 صندوق
- إنتاج قضاء بشري لعام ٢٠١٧ بلغ تقريباً 868.000 صندوق
- 30٪ من الإنتاج يباع في السوق المحلي
ولم يكن ينقص المزارع أزمات اضافية لتزيد من معاناته، فجاءته مشكلة زبابة البحر المتوسط التي أضرت بحبة التفاح، ونتيجة المعالجة العشوائية بالادوية الزراعية زادت من نسبة الترسبات السامة فيها.
هذه حقيقة الوضع الحالي للتفاح عندنا، ورغم احتجاج المزارعين ومطالبتهم الدولة بدعم هذا القطاع. فان هذه التحركات تعتبر مسكنات آنية، لا توصل الى حلول جذرية.
الطريق الصحيح لحل مشكلة التفاح ( انتاجا ً وتصريفا ً )
لم يترك نائبا منطقة بشري ستريدا جعجع وايلي كيروز ومعهما رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع جهة معنية الا وتواصلوا معها لتصريف مواسم التفاح. فكانت تواجههم مشكلة رئيسية الا وهي عدم مطابقة انتاج التفاح للمواصفات العالمية. من هنا وبطلب من الدكتور جعجع، انكب فريق عمل مختص مؤلف من شربل كيروز ، ورئيس البلدية فرادي كيروز والاعضاء : زياد طوق، اسعد كيروز، بيتر جعجع، ومن أمادو الفخري، بوضع دراسة مفصلة ومعمقة عن مشاكل وحلول انتاج التفاح في منطقة بشري. وبعد عدة اجتماعات ومناقشات، وبعد سفر بعض من أعضاء هذه اللجنة الى الخارج لمعاينة الحلول التي تتبعها الدول المنتجة للتفاح، تبين أن الخطوة الصحيحة للانطلاق بفتح ابواب التصدير الى الخارج هي انشاء معمل فيه آلة حديثة ” عرابة ” لفرز التفاح وفحصه وغسله وتشميعه وبالتالي تصديره الى الخارج.
تطوير إنتاج وتسويق التفاح في قضاء بشري – الوضع الحالي
قامت بلدية بشري باجراء احصائات شاملة لأول مرة منذ زراعة التفاح في خمسينات القرن الماضي، وبيّنت الاحصاءات أن :
- المساحة المزروعة تفاح في بشري تبلغ : 4,324,043 م٢
- مجموع العقارات : 2057 عقار
- عدد المزارعين : 1077 مزارع /عقار
- عدد أشجار التفاح : 291,359 شجرة
- بلغ مجموع إنتاج عام 2017: 573,033 صندوق…
أ – الخطة والمشروع
تسهيلا لمشروع تطوير وانتاج وتسويق التفاح في قضاء بشري، وبعد التداول في الهيئة الادارية “لمؤسسة جبل الارز “. ًتقرر تكليف رئيستها النائب ستريدا جعجع بتوقيع مذكرة تفاهم مع شركة ” شاباش ” (شركة مختصة بتطوير، تعريب وتصريف التفاح )التي يملكها السيد شربل كيروز، يسمح لها باستعمال مساحة 6000 م2 من قطعة الارض التي تملكها المؤسسة في بيت منذر، لقاء بدل ايجار سنوي رمزي. على أن يقام عليها المعمل بالاضافة الى براد لتصدير الانتاج حسب الشروط المطلوبة عالميا ً .
ب – تلتزم شاباش شراء محصول التفاح من المزارعين من خلال إعتماد بيانات علمية صادرة عن البلديات ومختبرات رسمية تتضمن معلومات مفصلة عن طرق الإنتاج :
– نوعية وجودة المنتج وخلوه من جميع الترسبات السامة المحظورة
– خلوالمنتج من جميع الأفات البيئية التي تشكل خطراً على سلامة المستهلك أو تكون عائقاً أمام تصدير المنتج.
– – القدرة الإستيعابية : ١٤٠٠٠ طن أو ٧٠٠٠٠٠ صندوق.
– توقع تحسن الأسعار بحدود ٣٠٪ ابتدأً من ألسنة الأولى.
– بقدر تحسين المزارع لإنتاجه ترتفع أسعار منتجاته.
ج – دور بلدية بشري
لبلدية بشري دور اساسي في هذا المشروع فبعد الاحصاءات التي قامت بها، وبعد سلسلة الندوات والتوعية التي بدأتها مع المزارعين، سوف تشرف على عملية الإنتاج.
– تتعاقد الشركة مع المزارعين لشراء التفاح وتكون الأولوية المطلقة للمزارعين الملتزمين بإرشادات البلدية.
– يتم تحديد سعر التفاح وفق الشروط العلمية التالية :
- صحة التفاح )ذبابة الفاكهة، تدبيغ، بقعة…) خلو التفاح من الترسبات السامة حجم التفاح (٦سم، ٧ سم، ٨ سم…) لون التفاح(Golden, Delicious, Starking)
– البدء باحصاءت دقيقة تشمل جميع مزارعي التفاح في باقي بلديات قضاء بشري.
تطوير إنتاج وتسويق التفاح في قضاء بشري – خطة مستقبلية
من بعد هذه الانطلاقة، لن تتوقف المساعي عند هذا الحدّ، بل ستستمر محاولات تطوير انتاج التفاح في قضاء بشري، خاصة وان الدراسات التي اعدها فريق العمل بيّنت على امكانيات كبيرة يمكن الاستفادة منها على هذا الصعيد ومنها:
– تطوير الصناعات المرتبطة بالتفاح: عصير، خال، نبيذ …
– العمل على إستبدال الأصناف القديمة بأصناف تفاح جديدة …
– العمل على الإستقلالية من خلال تطوير الصناعات والخدمات المرتبطة بتصدير التفاح وخلق فرص عمل جديدة.
– استحداث شبكة نقل للبضائع.
– صناعة الكرتون والبلاستيك المستعمل في التوضيب والتعبئة.
– تطوير شركات مختصة بالإنتاج: تشحيل، تسميد، رش المبيدات، قطاف محترف.
