المطران جوزيف نفاع
انه العيد الكبير، نستعدّ له بزمن طويل من الصوم والصلوات، نختمها باسبوع مكثّف، اسبوع الالام، واسمه الرسمي ف الكنيسة الاسبوع العظيم. احتفالات مهيبة، يقف امامها المؤمن بخشوع عميق، وتمتلئ الكنائس بالمصلين. زمن له رموز متعددة: من رماد بدء الصوم الى كلّ الاكلات الصيامية التي لا نراها الا في هذا الزمن، اغصان الزيتون في الشعانين، قنديل في اربعة ايوب وزهور على الصليب في رتبة دفنه. ولكن ما كان يفاجئني منذ الصغر هو رمز العيد الكبير: انه بيضة مسلوقة. كيف يتناسب هذا الرمز مع اهمية العيد وعظمة الحدث؟
لا بد ان اغلبنا سمع مرة باحدى معاني هذا الرمز: انها رمز لقيامة يسوع الذي كسر قبره، مدحرجاً الحجر عن بابه: تماماً كما نكسر قشرة البيضة عند ضربها. ومن هنا اتت عادة المفاقسة، اي ان نتبارى بكسر البيض، مباشرة بعد قداس العيد. انه احتفال بيسوع القائم من الموت، الذي وطئ الموت بالموت وكسر شوكة الجحيم.
ولكن الرمز هنا ابعد كم ذلك، وقليل من يعرف باقي المعاني. في الحالات العاديّة، البيضة يكسرها الصوص ليخرج منها الى الحياة. والصوص هنا ليس يسوع بقدر ما هو يمثّل كل واحد منّا. الصوص ضعيف، اما يسوع فقويّ. وانا من يعاني الضعف في الكثير من الاحيان. فعندما اكسر البيضة عليّ ان استشف في ذلك دعوة لي من يسوع ان اكسر كل الحواجز التي تكبلني وتمنعني من الحياة. فالمسيح قام ليفتح لنا الطريق، اي ليجعلنا نحن ايضاً نقوم، واثقين من انفسنا اننا قادرون. ليس هناك من موت اشنع من ان يفقد الانسان الثقة بنفسه، فيكبله الخوف ويهدده التردد.
نحن مدوون في هذا العيد الى القيام بهذه الخطوة، ان نحيا قيامتنا نحن من كبوتنا. السيح قام، قام قبلنا. وفتح لنا الطريق، وها هو معنا ليعيننا. ولكنه لن يقيمنا بدون ارادتنا وبدون ان نقوم نحن بهذه الخطوة. لا معنى اذاً للعيد ام لم يتحول فرحه الى عزيمة فينا تنهضنا وتقودنا الى تغيير ولو واقع واحد مؤلم نحياه.
مشكلة شبابنا اليوم انه ينتظر ان ياتيه كل شيء من الخارج. وامام كل سقطه، نراه يلوم الظروف. البيضة تقول لك ان الظروف لن تكون يوماً لصالحك. فاظروف السانحة يقتنصها المستعدون الواعون. ولن يتركوا لم منها شيئاً. لا يمكنك ان تربح الدنيا مجاناً. والرفعت لا تُعطى للخاملين. القرار اليوم هو بيدك. وتحقيقه متوقّف عليك. المسيح قام بما يجب ان يقوم به من اجلك، وذلك منذ الفي سنة. وهو يعدك بانه سيبقى معك الى منتهى الدهر، ان بقيت انت مع نفسك. ويسوع القائم يدعوك ان تحوّل العيد الى عيدك انت وقيامتك انت.
في كل مرة تكسر فيها بيضة قل لنفسك: انا قادر على فعل ما يجب لن افعله. لان الله معي، وتامل في تلك البيضة المكسورة واسمعها تقول لك: لا تقف الحواجز منيعة اما العزائم، بل هي تتكسر في كل مرة، فمهما كانت قاسية قشرة البيضة، ومهما كسرت من رفيقاتها، في النهاية سوف تنكسر، وهكذا، فكل صعوبة، مع الاصرار والتكرار، تنحلّ وتزول.
المسيح قام، حقاً قام. قام ليقيمك، ليجعلك قادراً على القيام. فهل قمت انت ايضاً؟
عندها، وفقط عندها، يمكنك ان تحتفل وان تكسر البيضة.