بعد تأسيس جمعية ” ادارة وادي قاديشا “، وليستقيم العمل في الوادي بطريقة منهجية وعلمية، ولتكون الانطلاقة ناجحة، اتخذت الجمعية اولى قراراتها بتعيين مدير على الوادي. وبعد استعراض اسماء عديدة من مهندسين واختصاصيين في مجال البيئة والاثار والتراث المعماري، اختارت المهندس رولان حداد لهذه المهمة.
ولتوضيح دوره ومهامه، أجرينا معه هذه المقابلة بعد تعيينه مباشرة.
– استاذ رولان ، ماذا يعني تعيينك مديرا ً على وادي قاديشا من قبل جمعية ” لجنة ادارة وادي قاديشا ” ؟
هي خطوة رائدة تمت بفضل اتحاد جميع القيّمين على وادي قاديشا المقدس, من فعاليات دينية و سياسية وبلدية و اجتماعية و ثقافية, بهدف المحافظة على هذا الموقع الفريد المصنف على لائحة التراث العالمي. و تأتي أهمية هذه الخطوة كون الموقع بحاجة ماسة الى ادارة وتخطيط لابراز معالمه وتنظيم مسالكه بما يتلاءم مع خصائصه التراثية والبيئية اللتي من أجلها أدرج على لائحة التراث العالمي. أما على الصعيد الشخصي فقد شرّفني هذا التعيين وأعتبره مسوؤلية كبيرة كون الملفات كثيرة و متشعبة. غير أن جميع الصعوبات والتحديات تهون وتكاد تكون لا تذكرعند التفكير والتأمل في المخاطر التي واجهها صانعوا هذا الوادي المقدس. وأجد نفسي اليوم مؤتمناً على تراث ورثناه و من واجبنا، بمساعدة جميع المعنيين، المحافظة عليه للأجيال المقبلة انشاء الله.
– هل سبق لكم وشاركتم في اعداد دراسات او ملفات لها علاقة بالوادي ؟
بحكم عملي في مجال الهندسة و ترميم الأبنية التراثية و المواقع الأثرية شاركت في عدة دراسات و ملفات على علاقة مباشرة بالوادي أذكر منها تحضير ملف لتأهيل دير مار أنطونيوس قزحيا مكلفاً من قبل القيّمين على الدير. كم أنني شغلت لفترةٍ منصب مهندس في المديرية العامة للآثار و كان لي خلال تلك الفترة عدة مهام متعلقة بالتراث المبني في الوادي المقدس.أما من خلال موقعي كأستاذ محاضر في جامعة الروح القدس-الكسليك أشدد من خلال مادة “التراث المعماري” على ادخال الوادي من ضمن المنهج التعليمي و دراسة التقنيات والمواد المستعملة في أبنيته.
-ما هو الدور الفعلي الذي ستلعبه كمدير للوادي ؟
بشكلٍ عام المحافظة على جميع خصائص الوادي المقدس اللتي من أجلها أدرج على لائحة التراث العالمي. و من مهامي الأساسية:
- تحضير و تطبيق خطة لادارة الوادي و خطة عمل على المدى الطويل.
- الاشراف على جهاز ادارة الوادي و الموظفين و الاستشاريين.
- متابعة أعمال اللجان العلمية و رفع تقارير الى اللجنة البطريركية برئاسة سيادة النائب البطريركي المطران مارون العمّار.
- التواصل مع الادارات الرسمية.
- ادارة و متابعة و تنيسق كافة النشاطات و المشاريع في الوادي مع كافة المعنيين (اللجنة البطريركية, المديرية العامة للآثار, الأونيسكو, اتحادات البلديات، البلديات، الرهبانيات, البطريركية المارونية و كافة فعاليات و نواب المنطقة و الأهالي …)
- العمل على وقف المخالفات في الوادي.
- تنظيم المواضيع المتعلقة بجرد التراث المبني في الوادي.
- تحضير و تنظيم النشاطات الثقافية و الاعلامية و المالية.
- التنسيق مع الجهات المانحة و السفارات و الجامعات بجميع المواضيع المتعلقة بالوادي.
-هل عندكم خطة طريق واضحة المعالم ستعتمدونها في عملكم في الوادي ؟
لم يمض على استلامي لمهامي سوى بضعة أيام و أجد من المبكر حالياً الكلام عن خطة واضحة المعالم. غير أن الهدف الأساسي واضح و أكرر أن الجميع ملزم بالمحافظة على خصائص الوادي المقدس اللتي من أجلها أدرج الموقع على لائحة التراث العالمي ولن أوفر جهداً في سبيل تحقيق هذا الهدف.
-ما هي أولى الخطوات التي تودون البدء بتنفيذها ؟
لقد بدأنا بجمع المعلومات و الخطط و المشاريع الموجودة بهدف تنسيق الجهد و التركيز على أولوية الأمور الملحّة و بعض المواقع اللتي هي بحاجة لتدخل سريع بهدف المحافظة عليها ووقف التدهورات اللتي تهددها. وعلى رأس تلك المواقع دير الصليب الذي نحن بصدد اعداد مشروع لترميمه و ايجاد التمويل اللازم له. ومن ضمن الأولويات أيضاً تنظيم عملية الدخول والخروج من و الى الوادي ومعالجة موضوع الصرف الصحي للقرى المحيطة, ووضع الأسس لحماية الوادي من خطر الحرائق…
-من أين ستؤمنون التمويل للمشاريع التي ستباشرون بها ؟ وما هو دور النائب ستريدا جعجع في هذا المجال ؟
عند وجود ارادة جدية للعمل تصبح مسألة التمويل ثانوية. هناك جهات مانحة دولية و محلية مستعدة لتأمين تمويل للمشاريع شرط استيفاء تلك المشاريع للشروط الفنية و التقنية اللازمة. بالاضافة الى ذلك سوف نعد خطط لتأمين مداخيل اضافية من ضمن التصور الاستراتيجي لادارة الوادي، بحيث أن زيادة أعداد السواح المتوقع بنتيجة حسن الادارة سوف يعود دون شك بالفائدة على مختلف الصعد. أما بالنسبة لدور النائب ستريدا جعجع فهو محوري و أساسي، فالوادي موجود في قلبها وعقلها بشكلٍ دائم، و سعادتها لا توفر مناسبة دون الحديث عنه. أما دعمها المعنوي و المادي فهي تعتبره واجباً عليها. اننا لا شك محظوظون بالتعامل معها نظراً لمقاربتها الموضوعية و العملية لكافة الأمور.
-بماذا تعدون اصحاب الاملاك وأهالي الوادي ؟ وهل الاجراءات التي ستتخذها اللجنة وستطبقها في الوادي ، ستنعكس ايجابا ً على وضع الوادي وعلى السياحة فيه ؟
أعدهم بالخير انشاء الله. وأضع امكاناتي و خبراتي العلمية لما فيه مصلحة الوادي معتبراً نفسي منهم و لهم. ان ميزة من مميزات الوادي المقدس هو أهله وسكانه الطيبين و المقاومين الأشداء. لقد قاوموا تاريخياً الاضطهادات على أنواعها و العوامل الطبيعية القاسية وبقيوا راسخين في هذه الأرض الطيبة و أبقونا جميعاً… أطلب منهم اليوم مقاومة الاغراءات والمصالح الشخصية المادية الآنية و التمسك بالخصائص الأساسية لهذا الموقع المقدس ووضعه فوق كل اعتبار.أما بالنسبة للاجراءات اللتي سوف تطبق في الوادي فبطبيعة الحال ستأتي بالخير و الفائدة على الأهالي من حيث تفعيل التعاونيات الزراعية ووضع برامج تسويق للانتاج البلدي و مساعدتهم لتحسين أراضيهم و زيادة انتاجهم. كذلك سوف يتم التركيز على موضوع السياحة الدينية و البيئية في الوادي مما سيتطلب كادرات محلية لمواكبة هذا التوجه و ذلك سيخلق فرص عمل اضافية للأهالي نذكر منها على سبيل المثال الدليل السياحي، الحراس، سائقي المواصلات بعد تنظيمها، بيوت الضيافة، الصناعات المحلية…