حتى لا يكون الإغتصاب شرعياً، إتجهت اليوم لجنة الإدارة والعدل أخيراً، الى إلغاء المادة 522 من قانون العقوبات التي تعفي المُغتصب من الملاحقة القانونية في حال زواجه من الضحية.
إجتماع اللجنة اليوم لم يكن عادياً، فهذه المادة التي وردت في تشريعنا منذ العام 1948، كان لا بد من تصحيحها، بسبب المعاناة الإجتماعية والنفسية التي سببتها لكل مُغتصَبة تزوجت من مغتصِبها، وقد جاءت نتيجة “الإلغاء” بعد اجتماعات عديدة استمرت من ايلول حتى اليوم، بناء على اقتراح القانون بضرورة إلغاء المادة 522، الذي قدمه عضو كتلة “القوات اللبنانية” النائب إيلي كيروز.
ترافق ذلك مع تحرك للمجتمع المدني، ومع أرقام مخيفة أصدرتها قوى الامن تتناول جرائم العنف الجنسي التي حصلت عام 2015 فتبيّن ان هناك 427 حالة اغتصاب.
إذاً، ليست المرة الأولى التي تحاكي فيها “القوات اللبنانية” قضايا مجتمعها الشائكة، وقد اثبتت عن جدارة، أن هدفها بناء الدولة العادلة لكل أبنائها وبناتها، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بالمرأة نصف المجتمع ومربية الأجيال؟
النائب إيلي كيروز لفت الى أنه تقدم باقتراح الغاء المادة 522، التي كانت من ضمن تشريعنا منذ العام 1948، لافتاً الى خطورة هذه المادة على المرأة وحقوقها، وأضاف في حديث خاص لموقع “القوات”: “كان لا بد من إلغائها بعد كل هذه السنوات، ونحن نعمل منذ زمن بعيد على قضايا المرأة وحقوقها وسنستمر في الطريق نفسه”، كاشفاً عن اقتراح قانون يتعلق بالإغتصاب الزوجي سيقدم قريباً.
رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب روبير غانم لفت الى أن بند إلغاء المادة 522 كان يُدرس منذ 21 أيلول في الجلسة التي عقدت بناء لطلب الزميل إيلي كيروز الذي قدم الإقتراح، نافياً لموقع “القوات اللبنانية” أن تكون التحركات الأخيرة هي التي دفعت بهذا الإتجاه.
وتابع: “نحن نعمل على القانون تشريعياً ولا نستطيع أن نقول في القانون “لغينا” ومشي الحال، صحيح أننا ألغينا المادة 522، لكن المواد من 503 حتى 521 تتم دراستها وتبين أن هناك مواداً تتطلب تشديد العقوبة وأخرى يجب فيها، الأخذ بعين الإعتبار بالنسيج الإجتماعي اللبناني، ولا بد من إعطاء القاضي حق الإستنساب أو التقدير فيما يتعلق بكل مادة على حدة.
وشدد على أن الإغتصاب والإكراه والتعدي على القاصرات لا يبرره الزواج من المُعتدى عليها، مؤكداً أن الزواج لا يجب أن يلغي العقوبة، وأضاف: “اتفقنا في اللجنة على إلغاء المادة 522 منذ البداية، ولكن المواد التي تسبق المادة 522 (من 503 حتى 521) تتطلب الدراسة، وهذا ما يحتاجه التشريع.
عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب نوار الساحلي، لفت بدوره الى أن المادة 522 تُدرس منذ شهر أيلول، مشيراً لموقع “القوات” الى أنه لا يوجد اي تشريع تحت الضغط، وتابع: “مع احترامنا للجمعيات التي تتظاهر اليوم، هذه المادة تتم دراستها بناء على اقتراح قدمه النائب إيلي كيروز، وقد عقدت جلسات عديدة، وقررنا دراسة كل المواد المتعلقة بهذا الجرم”.
ولفت الى أنه سيتم إلغاء المادة 522 لأن الأساس الذي تم الإتفاق عليه هو في تجريم المُغتصب وعدم إعفائه من العقوبة لأي سبب كان.
وأضاف شارحاً: “هناك بعض المواد التي تتم إعادة صياغتها، ففي البعض منها هناك اتجاه لتشديد العقوبة على المُغتصب على ألا تقل عن سبع سنوات، وفي البعض الآخر والتي تتعلق مثلاً “بالمجامعة من دون إكراه” بموافقة الطرفين، فالأمر قابل للنقاش. لكن في موضوع الإكراه والإغتصاب هناك إجماع من كل أعضاء اللجنة بتجريم الفاعل والا يعفى من العقاب”.
من جهته اعتبر النائب عن “الجماعة الإسلامية” عماد الحوت لموقع “القوات”، أن الجميع متفق الى أن كل ما يُرتّب أي ضرر نفسي أو جسدي لا ينبغي ان يُتاح له فرصة الافلات من العقاب وبالتالي تعليق مفاعيل المادة 522 وعدد من المواد التي سبقتها وعلى رأسها الاغتصاب أمر متفق عليه في لجنة الادارة والعدل وتمّ تعديل النصوص بناءً عليه، وبقي بعض النصوص التي يتم العمل عليها حتى تصبح متجانسة بهذا الاتجاه.
هذه الخطوة ليست طبعاً الأخيرة في مسار تقويم بعض المواد القانونية المجحفة، هي طبعاً إحدى خطوات الألف ميل التي ستقودها “القوات” للإرتقاء بالمجتمع اللبناني الى الافضل، وحتماً سنكون مع مواعيد مشرقة جديدة