من أرز الرب صدح صوت يحاكي السماء. “غنّي، نحبّك أن تغنّي” يقول كل جالس على كرسي مهرجانات الأرز الدولية لهذا العام. مشهد من الخيال يرتسم في مسرح ضخم وتقنيات مبهرة، مشهد يكتمل بدخول السيدة ماجدة الرومي المسرح منحنيةً أمام وفاء جمهورها. لا يضجر محبّو الماجدة، ينتظرونها من حفل إلى آخر ليسمعوها تغني عشقا وطنا والسلام.
تهدي الرومي حفلتها “للشعب اللبناني الجبار” الذي عانى الأمرّين وظلّ صامدًا في وجه الظالمين جميعا. تطمئنهم لما تغني “إذا الظلم بيربح جولة الحرية قدر الأحرار”.
بين أغنية وأخرى يقف الجميع على وقع تصفيق حار لا ينتهي .صوتها الشادي دافئ ينسي برد جبل الأرز. والمسرح يرتجف لكلّ رنّة ونغمة وكلّ حرف تنطقه سيّدة الكلام والرومانسية. يمتزج اللحن الجميل بنقر الدفوف والشعر العذب والحضور الملائكي فيخلق إبداع ماجدة الرومي.
تنفتح سماء الأرز حين تناجي الماجدة الله في أغانيها. تصرخ لنبع المحبة “عينك ع وطننا بالإيام الصعبة” ولا تخفي بكلمات جبران خليل جبران أن “في أعماقها جوعا للحب.”
تعرف مبدعة لبنان جيّدًا اللعبة المسرحية، ترجع إلى الخلف وتطلب من المايسترو لبنان بعلبكي أن يعطي الجمهور فرصة الغناء معها،فيلعب الجمهور دور الجوقة.
ذكّرتنا الرومي بأجمل إبداعاتها، غنّت “كلمات ليست كالكلمات” واعترفت باسم كل شعب لبنان أننا أهدينا بيروت مكان الوردة سكينًا.
بين أغنية وأخرى، تنحني بخجل، تتمتم شاكرةً محبّيها، تنظر إلى السماء وتتأمّل. تختم بدبكة فولكلورية برفقة فرقة بعلبك، وتنهي على أنغام زكي ناصيف بنفحة أمل مع أغنية “راجع يتعمر لبنان.”
تنحني مرّة أخيرة، وتغادر المسرح بأناقتها البيضاء. تغادر ولا تترك شيئًا مع جمهورها إلّا…كلمات وعشق، وأمل.
جوليان الحاج – موقع ايلاف
