قْنَيوِر من البلدات الجميلة في جبة بشري التي تتربع فوق موقع مكشوف على كتف الوادي المقدس، كانت مأهولة منذ القدم، ولم ينج أهلها ولا أهالي الجبة من ظلم الطغاة فأحرقها المماليك سنة 1283 وقتلوا أهلها ذبحًا داخل الكنيسة. المهم في الموضوع أنّ ابن البلدة سليم الزعني يعمل على طباعة كتاب يؤرّخ تاريخ بلدته، وقد استقينا بعض المعلومات الأولية من الكتاب الذي ما زال قيد الإعداد ونشرناها في هذا العدد من المجلة لنكمل السلسلة التاريخية التي بدأناها عن قرى وبلدات جبة بشري.
في تعاقب السكان:
سكن الإنسان قنيور، كما هي تسميتها اليوم، منذ القِدَم، أي من حقبة حكم الملك نبوخذ نصر على بلاد ما بين النهرين. التي وصلت ابنته الملكة ضيا مع حاشيتها لحدث الجبّه، واستقرت فيها لسنين طويلة. ومع وصول أول البشر في زماننا وهذه الفترة، إلى البلدات المجاورة، وتأهلها بالسكان، كان لبلدة قنيور النصيب من وصول المواطنين للسَكَنِ فيها. وتفيد المعلومات التاريخية أنه، وخلال حكم الإسكندر المقدوني (300 ق.م.)، كان سكانها عمومًا من المنبوذين في المجتمعات القبليّة والمدنيّة في تلك الحقبة. حيث تشكّلت الأكثرية منهم من لصوص وهاربين وقطّاع الطرق الذين سكنوا المنطقة وسيطروا على الأراضي ليعيشوا من خيراتها. وتعتبر الامتدادات السكّانية، لبلدة قنيور وكل بلدات وقرى قضاء الجبّة، في تلك الحقبة، هي مع بلدات وقرى مناطق البقاع بشكلٍ عام. وهم في الحقيقة الأصول الأساسية لسكان منطقتنا. وما أفاد به العديد من المؤرخين والأدباء وأساتذة التاريخ، أن أوائل سكان بلدة قنيور والجوار، هم من أصول وثنية وشيعية، أسوة ببعض سكان بلدات الجوار. وسُجّل مع بداية القران العاشر، وصول أوائل سكان قنيور، على أنهم قد جاؤوا من بلدة قنيرة أو قنيار المجاورة لجبال دمشق، وسكنوها. وكانت أكثرية هؤلاء القادمون الجدد، هم من الديانة المسيحية التي تبِعَت القديس مارون. وفي العهد الأول للمسيحية شكّل سكان بلدة قنيور، أسوة ببلدات الجوار كما ذكرنا آنفاً، مزيجًا لبقايا المواطنين المتحدرين من الفترات السابقة، إضافة لخليطٍ من سكان الشام وبعلبك الوثنيين الهاربين من الإضطهاد والسخرة والأحكام، وجزء آخر منهم وصل من العراق هربًا من الاستعمار في بلادهم. فنرى أنّ أراضيها تزخر بالمواقع التاريخية والأثرية.
جغرافية قنيور
تفيد المراجع التاريخية ومنها للبطريرك الدويهي، والمطران الدبس، والمؤرخ الكبير العينطوريني، وغيرهم من الباحثين والمؤلفين لتاريخ لبنان، وعلى رأسهم طنوس الشدياق الحدثي، أن حدود بلدة قنيور كانت فيما مضى من كنيسة السيدة العجائبية الحالية، نزولاً لناحية طورزا، ووصولاً إلى حدود حدث الجبّة المتأخمة لوادي قنوبين عند عاصي الحدث وقطين الرواديف، حيث سكن أهل البلدة بجوار القديسين والبطاركة والأساقفة الموارنة لأجيالٍ طويلة. وتظهر آثار قرية بائدة في أرض قنيور، وَيُرَجّح أن هدمها تم ّخلال غزوة المماليك لمنطقة بشري العام بقيادة السلطان قلاوون 1283. إنها شهادة حيّةٌ أن بلدة قنيور، وبأي تسمية جاءت، قديمة في وجودها، أسوة بالقرى والبلدات المجاورة والمُنتشرة على أطراف قنوبين. إنها من صميم الوجود الماروني المسيحي بهذه البقعة المقدسة، والأرض النقية والطاهرة.
أصل التسمية
قَنيُور، هي كلمة آرامية/كنعانية، كما وردت في العشرات من الوثائق القديمة التاريخية، وتعني الملاذ، أو الوحدة أو الإنزواء أو الإنعزال، وذلك نسبة إلى تواجدها في نقطةٍ استراتيجيةٍ معزولة، ونُسِبَت هذه التسمية الى المواطنين الأوائل الذين سكنوا البلدة أسوة ببلدات الجوار، هربًا من الظلم والجور، والخدمة العسكرية، أو قطّاع طرق، أو المحكومين، أو الذين لديهم سوابق غير قانونية، وذلك ما حصل تمامًا لبلدة حدث الجبّه وقرى الجوار
– في مرحلة تالية عرفت بالقحافي: وتعني بالعاميّة اللبنانية نسبة صفوف وجلالي الكروم والحدائق التي تملئ أرضها بصفوف متراصّة وجميلة، حيث أنها تعطي شكلاً هندسيًّا ومنظرًا مميّزًا والتي تدلّ على رغبة مواطنيها القُدامى والحاليين بالحفاظ على جمالية موقع البلدة، وميزتها الفريدة في التنظيم المُدني الجميل.
بعض المراجع التاريخية ذكرت أيضًا أن اسمها قد يعني الملك، والرزق أو القصب. النار واللهب أو القش.
سكان بلدة قنيور
شكّلت قنيور بوابة العبور الرئيسية للوصول إليها من المناطق الساحليّة، لأوائل المواطنين الذين سكنوها والذين سكنوا المنطقة أيضًا. عُرفوا بالمُتمرّدين أو الهاربين، وأكثريتهم من المطلوبين للعدالة والخدمة العسكرية الإجبارية، والهاربين من الحروب، والمُضطهدين دينيًّا وعرقيًّا، وهناك غير أسباب قاسية، فرضت على هؤلاء الهروب والسكن في بلدة قنيور وجوارها. أما عن سبب رغبة هؤلاء اختيار هذه البلدة وهذه المنطقة، سوى وعورة مسالكها ودروبها الصعبة لمَن قد يقصدها، للوصول إلى هذه البقعة النائية والحرجية، من هذا الجبل الشمالي. أما الذين وصلوا في تلك الفترة، سكنوها وظلّوا فيها. ولكن ضمن فترات زمنية متفرّقة، كانوا ينزحون مُجدّدًا مع عائلاتهم، ولم يكونوا ليثبتوا في سكنهم، أي إن كل الذين قصدوا قنيور وبلدات الجوار قصدوها للسكن والاختباء فيها، وكانت أكثريتها تحصل قبل بداية القرن الحادي عشر. ومع بداية القرن الحادي عشر، بدأت تصل من سوريا والأردن وشبه الجزيرة العربية وبلاد بعلبك، العشرات من العائلات للسكن في هذه البلدة والجوار. وشهِدَ بداية هذا القرن وصول مجموعات عائلية بكاملها إلى بلدة قنيور والجوار فسكنوها، وأصبحوا بعدها يُعتبرون سكانها الأصليون. وقد فضّلوا البقاء والسكن والإقامة فيها، رغم ظروف الطقس القاسية والمناخ الجبلي المُتقلّب، وكانوا يُشجّعون المزيد من أقربائهم للمجيئ إليها من الدول المجاورة التي ذكرناها، للمكوث والبقاء فيها معهم. وفي مراحل متعدّدة، كان سكانها كما وسكان القرى والبلدات المجاورة وعند كل عملية عسكرية أو هجوم، ينزحون نحو مدن وبلدات لبنانية أخرى، التي كانت تشكّل ملاذًا مؤقتًا وآمنًا لهؤلاء. منهم، وبعد أن يستتِبّ الوضع في قراهم وبلداتهم يعودون إليها، ومنهم مَن كان يُفضّل البقاء والاستقرار في البلدة التي قصدها مؤخرًا والاستقرار فيها بصورة نهائية.
عائلات بلدة قنيور
الزعني، العنداري، الحتي، الصافي، سعاده، مراد. أما العائلات التي لم يبق منها أحدٌ في قنيور فهي الياغي- نجم- وهبه- سركيس- ملحم- ونمر التي يتردد أبناؤها سنويًّا من أوستراليا إليها.
في أسباب الهجرة – هجرة سكان البلدة
تأثّرت بلدة قنيور بالهجرة باتجاه دول العالم، وحتى نحو الداخل اللبناني، فتوزّعت خلال مئات من السنين وضمن مراحل عدة وكثيرة أبرزها:
الهجرة الأولى: بناءً على المعطيات التاريخية فإنّ أوّل نزوح لأهالي بلدة قنيور حصل مع الهجوم الذي شنه جيش السلطان قلاوون على الجبّة عام 1283، فهرب الكثير من المجازر التي كان يقوم بها جيش السلطان بحق الأهالي. دخل المماليك قرية القحافي (قنيور)، فأحرقوها ودمروا منازلها، ولم يتركوا لها أي أثرٍ يشهد على وجود قرية في تلك الناحية، أسوة ببلدة حدث الجبّة. ودام وجود المماليك في الجبّه وقنيور حوالي سبع سنوات متتالية، أحكم خلالها هؤلاء الطوق على مغارة عاصي الحدث، وحاصروا مداخل وادي قنوبين من ناحيَتي الحدث وقنيور. وخلال وجود المماليك في بلدة قنيور، أي خلال السبع سنوات من الحصار، قاموا بتقطيع شجر الصنوبر الذي أرسلوا كميات كبيرة منه إلى مصر، واستعملوا أنواع شجر أخرى لمصالح عسكرية وحربية، فاختفت أجزاء عدة من غابة البلدة خلال تلك الفترة. ولم يبق في القحافي وقنيور أي بشري، لأن القليلون من الذين رغبوا البقاء فيها من العجزة وكبار السن، الذين لم يستطيعوا الهرب من البلدة، تجمعوا في كنيسة مار ضوميط، حيث احتموا فيها. ولم يطل الزمن من وصول المماليك، حتى قاموا بقتل وذبح الجميع من السكان والأهالي المختبئين في الكنيسة.
الهجرة الثانية: سُجّلَت خلال أواسط القرن السابع عشر، مع فرض الضرائب المرتفعة على المزارعين والمواطنين في القرى والبلدات الجبليّة، وقد تأثّر بها عشرات العائلات، التي نزحت نحو بلدات الشوف اللبناني ومناطق البترون. وجزء آخر منهم عاد باتجاه سوريا حيث سكنها وعمل وأقام فيها. وتفيد المعلومات أن جزء من هؤلاء المواطنين الذين نزحوا في تلك المرحلة، عادوا إليها وذلك على مجموعتين:
الأولى: عادت وسكنت في بلدات بان وكفرصغاب في الجبّة، والثانية: وصلت إلى بلدتها الأم قنيور وسكنتها مجدّدًا.
الهجرة الثالثة: بدأت من منتصف القرن التاسع عشر حتى سنة 1914، حيث رغب الجزء الأكبر من سكانها، بالهجرة للولايات المتحدة الأميركية، ودول أميركا الجنوبية، وبالتحديد فنزويللا والبرازيل. وورد العديد من أسماء هؤلاء المهاجرين في الجداول الخاصة بكتاب الهجرة اللبنانية، أيام المتصرفية للباحث عبد الله الملاح. وسُجلت هجرة أبناء بلدة قنيور ارتفاعًا ملحوظًا بين عامي 1903 و1906- وعامي 1913 و1914.
الهجرة الرابعة: حصلت خلال الحرب العالمية الأولى وتمتد من 1914 لغاية 1945.
الهجرة الخامسة: حصلت بين سنة 1945 و1958.
الهجرة السادسة: حصلت خلال الحرب اللبنانية بعد عام 1975 بوتيرة أخفّ، نسبةً إلى قلّة المواطنين والسكان الذين بقوا فيها. ومَن لم يُهاجر إلى بلاد الاغتراب، هاجر إلى الداخل، ولم يبقَ من هؤلاء الذين يتردّدون إلى بلدتهم في مناسبات نادرة، إلاّ القليل من الذين استوطنوا السواحل اللبنانية.
كنائس وأديار البلدة
قبل وصول الموارنة إلى جبّة بشري، كان سكان المنطقة من الشيعة، وغالبية السكان من الوثنيين. والدليل على ذلك، أن أهالي القحافي (قنيور) الأولون الذين سكنوا فيها، قد بنوا أول كنيسة لهم، وهي كنيسة مار يوحنا القحافي على أنقاض معبد وثني. ويعود على الأرجح تاريخ بناء هذه الكنيسة إلى أواخر القرن الرابع عشر والتي ما زالت آثارها حاضرة لغاية اليوم.
وفي أواسط القرن الخامس عشر، وبسبب ارتفاع عدد سكّان قنيور، وبما أن كنيسة مار يوحنا لم تعد تستوعب المؤمنين جميعًا فيها، قام أهاليها ببناء كنيسة مار ضومط. خلال هذه المرحلة، كانت قنيور البلدة، ما زالت تستوعب أكثرية سكانها في منطقة القحافي. ولم تكن بعد قد تحوّلت قنيور من قرية القحافي، إلى بلدة ذات إسم وحضور رسمي فيما بعد، حيث سُمّيت قنيور.
وقد تهدّمت كنيسة مار يوحنا في أواسط القرن الثامن عشر، بعد أن انتقل كل سكان قنيور من الإقامة في منطقة القحافي والجوار، واستوطنوا داخل البلدة نهائيًّا. أيضًا وفي ذات المرحلة، تهدّمت وأهمِلَت كنيسة مار ضومط، وذلك بسبب انتقال الأهالي من منطقة القحافي الحرجية إلى حيث هي البلدة اليوم. فقاموا ببناء كنيسة السيدة العذراء خلال القرن الثامن عشر. وبعد ترميمها في القرن التاسع عشر، تحوّل إسمها بعدها إلى كنيسة السيدة العجائبية. وبقيت الكنيسة الوحيدة التي يؤمّها الأهالي لغاية اليوم.
دير مار أبون: من أهم أديرة الوادي المقدس، وفق المطران ناصر الجميل، فهو دير القديس أوجين المعروف لدى السريان بأبون، الذي كان في ما مضى أبًا للرهبان الكلدان والسريان. أبون بشمايو بالسريانية، تعني أبانا الذي في السماوات. ويقع الدير تحت بلدتي قنيور وحدث الجبة، في الجرف الصخري الغربي لوادي قاديشا. وذكر البطريرك المكرّم اسطفان الدويهي أنه عثر فيه على كتاب للصلاة، مما يؤكد أنه كان مأهولاً حتى القرن 17. ومن أبرز معالمه، محبسة مار سركيس التي تعلوه نحو 300 متر، حيث أقام فيها الناسك يعقوب بن عيد الحدثي، والذي انتخِبَ فيما بعد، بطريركًا سنة 1445 خلفًا للبطريرك يوحنا الجاجي؟
دير مار يوحنَّا القحافي: بُنِيَ على أنقاض معبد مار ضومط.
كما يُوجد في قنيور كهوف ومغاور وآثار جميلة وكثيرة، تعود لزمنٍ بعيد، ونذكر منها: مغارة الشمس: للوصول إليها، يجب النزول من قنيور بطريق منحدرة وقاسية المسلك، باتجاه وادي قنوبين. وهي تبعد حوالي 2كلم إلى جنوب شرقي البلدة، تبلغ مساحتها حوالي الـ 500 م2 وتعرف أيضًا (بقطّين الشمس). وقد أقام فيها العشرات من الرعاة، منذ عشرات السنين، حيث شوّهوا معالمها وطبيعتها. فحوّلوها إلى زرائب للماشية. وخلال إقامة الرعاة هؤلاء، قاموا ببناء جدار على مدخلها، مما تسبّب زيادة بالتشويه واختفاء منظرها الجميل الذي يُطل على الوادي. فبنوا عامودًا من الإسمنت لربط البهائم والحيوانات فيه. وتقع المغارة في وسط جرفٍ طويلٍ صخري، فيصعب وصول الهواة إليه. وأُطلِق على المغارة تسمية مغارة الشمس، لأن أشعة الشمس المُنبلجة من قمم جبال الأرز تصيب هذه المغارة بصورة مباشرة منذ الصباح وحتى المغيب. في داخلها جرن هو من الحجر الصخري الصلب، وقد قام بإنشائه أوائل السكان داخل المغارة. وهو مُهيّأ ومُجهّز لاستيعاب قطرات المياه التي تتساقط بشحٍّ كبير داخل الجرن من سقف المغارة، والمعروفة بالدلفة. وهذه الدلفة هي عبارة عن نقطة ماء تسقط من مجرى نبع مياه أو من تهاطل الثلوج.
رأس صخري بقرب المغاور ويُعتبر في الأنتلجويا العلمية والروحية، الحارس لتلك المنطقة. ونلاحظ أنّ هناك العديد من الكهوف والمغاور التي ممكن أن نُشاهد من داخلها المنظر العام الجميل للوادي المقدس، وقمم الجبال التي تُحيط بمنطقة قاديشا، وبلدات قضاء بشرّي. ومن بين هذه المغاور والصخور الطبيعية: مغارة الزرّاق – مغارة المارد – صخرة الأخوة الثلاث وغيرها. لكلّ مغارة، ولكل كهف حكاية خاصة، ورواية متنوعّة المعلومات والأخبار. إنها شاهدة حيّة على عظمة هذا الوادي، ووجودها في تلك المنطقة. هي شاهدٌ، كما هي حارسٌ، كما هي حاضنةٌ أزليةٌ لحقائق يريدها التاريخ أن تبقى شاهدة له في المستقبل.
تمّ مؤخرًا الكشف عن ثلاث مغاور بين موقع دير مار أبون في عمق وادي قنوبين وقرية قنيور. فهذه المغاور معروفة وفق التقليد الشعبي المتداول بأسماء ماوربو (ماوربو نفشو لموريو، لفظة سريانية تعني تسبّح نفسي الرب).
مغارة ماوربو تقع فوق دير مار ابون إلى الشرق من محبسة مار سركيس، وهي بمثابة تجويف صخري بفتحتين، مساحته 75 متراً، وفي مدخله بقايا حجارة قديمة. ويُشار أنه في الطريق إلى مغارة الزرّاق، ثمة تجويف صخري مثلث الشكل، يبدو أنه منحوت بدقة. وأيضًا أمام باب المغارة آثار بناء جدران وعلى الطريق بقايا آثار مشاحر للفحم وبيادر واشجار زيتون معمّرة.
منتوجات قنيور الزراعية
تعتبر أرض قنيور غنيّة بالمنتوجات الزراعية فكروم العنب تغطي أكثرية أراضيها، إن كان من الأراضي التي زرعها الآباء والأجداد، أو من التي تثمر في المناطق البرية. ومن أهم هذه المنتوجات: الخل والعرق والسبيرتو والدبس والزبيب وغيرها. وفيها بساتين مزروعة فواكه متنوعّة من تفاح وإجاص وكرز ومشمش ولوز ورمّان وخوخ ونكتارين وغيرها. أما في الأعشاب البرية، فتشتهر قنيور بأنها المقصد للعديد من النساء الجبليات والقرويات والمواطنات الذين يسعون وراء هذه الأنواع من الأعشاب البرية التي تؤكل، أو تطبخ في المنازل مثل: المخّو بعبّو – الحشّيشة – الحمّيضة – الخسيّسة – الجرجير – النعناع البري – الزويبعه – الزوبع – القرّه – القرّيسه – حشّه مشّه – وغيرها. وتشتهر قنيور بالنوعية الجيدة من الرمال والحرزمان والأرجيل والصخور، وخصوصًا الطيور المُتنوّعة، التي أصبح العديد منها مُنقرضًا.
ينابيع المياه ومشكلة مياه الشفة
في البلدة نبع الجوزه – نبع التحتا – نبع الحبشه (الحبشيه) عين كوسا – عين السنديانه. لكن البلدة كانت عانت الشح في مياه الشرب وذلك لعدم وجود آبار أو ينابيع مياه صالحة أو كافية للشرب أو للري. وقد عانت البلدة من هذه المشكلة لمئات السنين، إلى أن أنعم الله بإبن بار، مواطن وفيّ لبلدته وأهلها، هو الشيخ سليم جان الزعني، الذي حفر آبار إرتوازية في نقاط عدة من البلدة، وقام بتأمين المياه إلى البلدة، بعد أن قام بتمديد شبكة ري جديدة وحديثة تصل الخزانات والآبار التي أنشأها لكل منزل أو حديقة أو منطقة في قنيور وبعض منازل جارتها حدث الجبّه. وتكاليفها كانت على نفقته الخاصة، وحتى إن مصاريف الصيانة، الكهرباء، المعدات، تجهيزات الآبار والشبكة والكهرباء تكفّل بها الشيخ سليم جان الزعني. ومع هذه النعمة الجديدة التي أنعم بها الله على أهالي بلدة قنيور برعاية الشيخ سليم جان الزعني، عادت لتصنّف قنيور بلدة سياحية بإمتياز، وهي تتميّز بقلّة الحركة التجارية أو حركة المرور، أو الضجيج أو غيرها من الحركات التي تعكّر صفائها ونعيم أهلها، لأنها تقع على جانب الطريق الدولي، مما ميّز أجوائها وعيشتها بهدوء وسكينة واستقرار وأمان.
من كتاب يعده جورج أنطون الشدراوي