سلطت عضو تكتل القوات اللبنانية النائب ستريدا جعجع الضوء على بعض النواقص التي اعترت مشروع القانون المتعلق بحماية المرأة من العنف الأسري ، وخصوصا ً الصيغة التي توصلت اليها اللجنة الفرعية المكلفة بمناقشة المشروع . فذكّرت ببعض المبادئ القانونية الراعية لحماية المرأة من أي عنفٍ يمارَس بحقها لا سيما في إطار الاسرة ، وهي المبادئ المنصوص عنها في كل من :الاعلان العالمي لحقوق الانسان، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، العهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي تدعو جميعها الى تعزيز تمتّع المرأة بحقوق الانسان وبالحريات الأساسية في جميع نواحي الحياة.
جعجع، وخلال مؤتمر صحافي عقدته في المجلس النيابي في حضور النائبين شانت جنجنيان وايلي كيروز وممثلة عن الإتحاد الأوروبي، استشهدت بموقف الديانتين المسيحية والاسلامية من المرأة ، والذي يؤكد على كرامتها ومكانتها بالتساوي مع الرجل ، ورفض كل الممارسات غير الانسانية بحقها ، اذ ” يقول قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في ” وظائف العائلة المسيحية في عالم اليوم”: “عندما خلق الله الناس رجلاً وامرأة، خلع على الرجل والمرأة كرامةً شخصية متساوية، ومتّعهما بحقوق يستحيل انتزاعها، وحمّلهما مسؤوليات خاصة بالشخص البشري”.
واذ استنتجت جعجع ممـّا تقدم ، أن المرأة تتمتع في المسيحية والاسلام بكرامةٍ أصيلة ومتساوية مع الرجل ، سألت “هل يجوز في بداية القرن الحادي والعشرين ، وفي الوقت الذي نسعى فيه الى تحقيق المساواة بين المرأة والرجل ، أن نرزح تحت همٍّ أساسي يتقدّم على موضوع المساواة وهو حمايتها من عنف أقرب المقرّبين إليها، وتصاعد هذا العنف الى حدٍ لا يقبله عقل وهو اغتصاب الزوج للزوجة ؟ وهل يجوز في العام 2012، وفي ظل جمهورية ديموقراطية تكرّس في دستورها المساواة بين المواطنين وتصادق على المواثيق والاعلانات والاتفاقيات الدولية المناهضة للعنف ضد المرأة ، وفي ظل الرقيّ الفكري والثقافي والاجتماعي الذي يعيشه لبنان ، أن نقبل بعد بوجود نساءٍ معنّفات ومهدورة كراماتهن من قبل أزواجٍ أو والدين أو أشقاء أو أبناء ، لدرجة تصل أحياناً الى القتل ؟”
وقالت :” يهمنا كحزب سياسي وكتكتل نيابي أن نلفت انتباه الرأي العام الى بعض النواقص في صيغة مشروع القانون المتعلق بحماية المرأة من العنف الأسري ، والذي تتم مناقشته من قبل اللجنة الفرعية ، مؤكدين قرار الحزب والتكتل بسحب ممثلنا النائب شانت جنجنيان من اللجنة الفرعية المذكورة ، في حال جاءت الصيغة النهائية للمشروع دون طموحات المرأة اللبنانية وتطلعاتها “. وأعلنت جعجع ” ان تكتل القوات اللبنانية النيابي يؤكد في هذا السياق على النقاط التالية :
– إن مشروع القانون وُضع أساساً لحماية المرأة من العنف الاسري ، وأي تغيير لهذا العنوان بجعله قانون حماية الاسرة من العنف هو تجاهلٌ لواقعٍ مرير والتفافٌ على حق المرأة بالحماية. إن الحركات النسائية أمضت سنوات لتظهير مشكلة العنف الذي يُمارَس ضد المرأة، خصوصا ً في الاسرة ، وقد صدرت عدة اتفاقيات دولية تؤكد على وجود ظاهرة العنف الاسري ضد المرأة وتطالب الدول بالتصدي لهذه الظاهرة عن طريق سن تشريعات تدين العنف الاسري ضد المرأة وتؤمن الحماية لها لا سيما في إطار الاسرة.
– يُصرّ التكتل على تجريم جميع أشكال العنف ضد المرأة لا سيما إغتصاب الزوجة الذي لا يجرّمه قانون العقوبات اللبناني.
– ويدعو التكتل الى تجريم العنف الإقتصادي الذي تتعرض له المرأة والذي يتجلّى بمصادرة أموالها في الاسرة ، سواء الآيلة اليها بالإرث أو الاجر الذي تتقاضاه من وظيفتها”.
وشددت جعجع على “استكمال النضال بلا ملل او إحباط ، والسعي الى بناء عالم أفضل أكثر عدالة وأكثرَ مساواة ، حيث يتساوى الرجل والمرأة في الكرامة والحقوق”. ورداً على سؤال حول تسييس الموضوع، قالت جعجع :” في الحقيقة لقد فضلت هذا المؤتمر بهذا التوقيت لأن المناقشات تحصل الآن في اللجنة. وفي الوقت نفسه ، من المفترض أن تُنجز المسودة الأخيرة من الآن الى أسبوعين او ثلاثة. فالديانتان الاسلامية والمسيحية تحترمان المرأة وكرامتها ، والمرأة هي الأم والأخت والزوجة والبنت، لماذا اذاً تحصل كل هذه التعقيدات؟ هل يُعقل في العام 2012 أن نبحث في كيفية مساواة الرجل بالمرأة؟ هل يُعقل اليوم ان هناك سيدات تضربن من قبل أزواجهن وآبائهن؟ من هذا المنطلق، ان هذا المؤتمر اليوم هو لنقول لهذه اللجنة التي تدرس المشروع انه لا يجوز في العام 2012 أن نشهد نساء تُغتصبن من قبل أزواجهن، كما لا يجوز ان يتحول هذا المشروع الى مكان آخر. صحيح ان هناك بعض الشوائب تحصل في الأسرة ولكن كما سبق وقلت ان الدراسات والمراجعات والحركات النسائية تُثبت ان المرأة هي المستهدفة بشكل أساسي… ” وعمندما سئلت هل ستكون هناك متابعة مع المجتمع المدني، أجابت : “السنة الماضية في اوائل الربيع عقدنا مؤتمراً صحافياً في معراب لنتناول هذا الموضوع. وأنا مع الكوتا النسائية التي يتم الحديث عنها الى النهاية ، ولكن قبل ان نصل الى توازي المرأة بالرجل ، من المفترض ان نحمي هذه المرأة من أقرب المقربين لها لسوء الحظ. لقد قرأت ان البعض يريدون ازالة الثامن من آذار من الروزنامة كيوم عالمي للمرأة ، وهذا لا يجوز ، نحن سنتابع سلسلة مواضوعات لنطاول أوسع مروحة ممكنة من حقوق المرأة ، ولدي هاجس أساسي هو حمايتها في البداية قبل ان نطالب بمساواتها بالرجل”، لافتةً الى ان “النائب شانت جنجنيان وهو ممثل تكتل القوات اللبنانية في اللجنة ، سيعقد في ما بعد مؤتمراً صحافياً ليشرح ما حصل بالضبط ، ولماذا انسحب والمواد التي لم يتم السير بها”.
وعن رأي ممثل الجماعة الاسلامية في المشروع، قالت جعجع : ” بالأمس كان موقفه مميزاً ، وقد أطلعني زميلي النائب شانت جنجنيان أنه يرغب في عقد جلسة معهم . فالقرآن الكريم تحدث عن احترام المرأة ، وبرأيي انه لا بد ان نصل الى صيغة مشتركة ، ولكن لا اريد ان أستبق الأمور”. وأضافت ، “أما الموقف الاسلامي من المرأة ومن العنف الممارس ضدّها ، فقد لخـّصه سماحة العلاّمة السيد محمد حسين فضل الله في بيانٍ شرعي أصدره في 27/11/2007 لمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة ، جاء فيه :” على رغم كل التقدم حيال النظرة الانسانية للمرأة، والتكريم الذي حظيت به قياساً بما كانت عليه في أغلب المجتمعات الشرقية والغربية، وعلى رغم صعود المرأة في السلم الاجتماعي والسياسي ، حتى تبوّأت أعلى المناصب، الحكومية وغيرها، وانخرطت في حركات النضال الى جانب الرجل، وتفـّوقت عليه أحياناً، إلا أن المرأة لا تزال تعاني العنف الممارس ضدّها، والذي يأخذ أشكالاً متعددة ولا يقتصر على دائرة من دون أخرى، كما لا يأخذ هوية شرقية بل نجده شاملاً في مستوى العالم، وإن كان شكل العنف وحجمه يختلف بين مكان وآخر”.
وتابعت جعجع ” لقد قال العلامة السيد فضل الله:” ان الاسلام لم يبح للرجل أن يمارس أي عنفٍ على المرأة، سواء في حقوقها الشرعية التي ينشأ الالتزام بها من خلال عقد الزواج، أو في إخراجها من المنزل، وحتى في مثل السبّ والشتم والكلام القاسي السيىء ، ويمثل ذلك خطيئة يحاسب الله عليها، ويعاقب عليها القانون الاسلامي.”