spot_img

ذات صلة

جمع

مهرجانات صيف قنات 2024

ككل سنة تتحدى لجنة مهرجانات قنات الأوضاع الصعبة، وتحرص...

مهرجان الطفل في بشري: منصة ترفيهية للأطفال والعائلات

يُعد مهرجان الطفل في بشري ، الذي انطلق قبل...

في عيد القديس شربل… البطريرك الراعي : ” لبنان أرض قداسة وليس أرض حروب ونزاعات وقتل”

توج البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي احتفالات...

أيها الطلاب الثانويون

لقد جئتكم، في هذه الليلة، لأحدثكم عن القوات اللبنانية، ولأستعيد معكم، في الذكرى الثامنة عشرة، حادثة تفجير كنيسة سيدة النجاة ، ذلك أن التفجير جاء مفتعلاً لاتهام القوات اللبنانية والغائها.

لقد ولدت القوات في قلب المعاناة وفي قلب النضال ، واستمرت في قلب المعاناة وفي قلب النضال، حرصاً على لبنان في وجه الأخطار الخارجية المحدقة به وكردّ على سقوط الدولة اللبنانية وتخلـّيها عن أبسط واجباتها في الدفاع عن الأرض والسيادة والحرية والانسان.

لقد جاء اتفاق الطائف ليضع حداً للحرب اللبنانية ، وليطلق من جديد عملية إعادة بناء الدولة اللبنانية. لكن الطائف تحوّل مع الوصاية السورية على لبنان ، الى وسيلة لتنظيم الوصاية السورية على لبنان علما ً انه وضع أصلا ً لتنظيم الانسحاب السوري من لبنان . كما انتهت حرب الالغاء بسقوط المناطق المسيحية في القبضة السورية. وحصلت مساومة بين النظام السوري والمجتمع الدولي بعد حرب الخليج الثانية. فقدّم المجتمع الدولي لبنان جائزة ترضية للنظام السوري الذي حصل على الضوء الأخضر لبقائه الدائم فيه . وانصرفت سوريا الى وضع خطتها للسيطرة التدريجية على لبنان ، وبدأت تطبيق الطائف بشكل انتقائي ، كما بدأت عملية اعادة بناء الدولة والمؤسسات بشكل مانع للسيادة. اصطدمت سوريا بموقف القوات اللبنانية المعارض لسياستها ولمشروع سيطرتها على لبنان ، على  رغم الانقلاب التام في موازين القوى لمصلحة سوريا. لكن القوات اللبنانية لم تُرِدْ أن تشهد بالزور ، وان تذعن للمشيئة السورية على رغم ضيق الخيارات امام القادة اللبنانيين الاستقلاليين. منذ خريف العام 1990 وحتى شباط 1994 بدأ مسار نزاعي تصادمي بين النظام الأمني، السوري اللبناني المشترك، برموزه اللبنانية والسورية، والقوات اللبنانية وفق آلية واضحة : كلما اعترضت القوات أو كلما احتجت ، بادر النظام الأمني الى توجيه ضربة اليها وصولاً الى ضربة كنيسة سيدة النجاة. لقد تلاحقت الضربات في الاعوام 1990 و1991 و92 و93. وكان المسلسل ثقيلاً ملطخاً بالكثير من البصمات السود. اغتالوا ايلي ضو وسامي ابو جودة ، ثم اغتالوا سليمان عقيقي ونديم عبد النور. وكـرّت سبحة الاضطهاد والملاحقة فداهم الجيش اللبناني مقر قيادة القوات اللبنانية في الكرنتينا ومبنى المؤسسة اللبنانية للإرسال في تموز من العام ، 1992 ثم خطفوا بطرس خوند. ومع ثبات القوات على مواقفها، انفجرت في كانون الأول من العام 1993 سيارة مفخخة كانت متوقفة قرب البيت المركزي لحزب الكتائب اللبنانية في منطقة الصيفي . بادر النظام الأمني فوراً الى اتهام القوات بتدبير الانفجار وبدأت التسريبات الاعلامية تتحدث عن العثور على اخراج قيد لهوية مواطن من بشري في السيارة المفخخة.

لقد كان كل ذلك ، قبل الانفجار الكبير . لم يتسنَ للبنانيين أن يواجهوا كفاية وقائع ذلك الانفجار . لذلك أستعيد بعضها اليوم معكم، من ذاكرتنا المجروحة والثائرة.

1-   في التاسعة والدقيقة العاشرة من صباح الأحد في 27 شباط 1994، متفجرة في كنيسة سيدة النجاة موضوعة تحت مقاعد المؤمنين، الحصيلة 11 قتيلاً و54 جريحاً. لم تنفجر العبوة الثانية الموضوعة قرب المذبح.

2-   مجلس وزراء استثنائي. اتصال من الرئيس السوري حافظ الاسد بالرئيس اللبناني . سوريا تضع كل امكاناتها في تصرّف السلطات اللبنانية من اجل كشف المجرمين المجهولين المعلومين من قبلها.

3-   اجتماع امني في وزارة الدفاع الوطني بحضور المدعيين العاميّن التمييزي والعسكري، منيف عويدات ونصري لحود ورؤساء الأجهزة الأمنية والعقيد رستم غزالة عن جهاز الأمن والاستطلاع السوري.

4-   تعيين القاضي جوزيف فريحة في 5 آذار محققاً عدلياً في القضية ، والذي كان في حينه مستشاراً ملحقاً بوزير العدل ، اي لا وظيفة قضائية فعلية له.

5-   البطريرك صفير يكشف أن الرسميين أخبروه باحتمال وقوع مثل هذه الكارثة قبل اسبوعين ، وان السلطات لم تتخذ الاجراءات اللازمة لتجنـّبها.

6-   أعلن مدعي عام جبل لبنان، بعد اجتماع أمني قضائي موسع ، أن لدى الأجهزة المختصة علماً بوجود مخطط لتفجير أماكن العبادة استناداً الى اعترافات بعض الموقوفين لدى القضاء. وما يصدم أكثر أن كنيسة سيدة النجاة في زوق مكايل نفسها كانت ضمن الاسماء التي أوردها الشاهد الاساسي في القضية ضمن لائحة اماكن العبادة التي قال إن لديه معلومات حول تحضير ما لنسفها.

7-   وفد عسكري وأمني سوري يزور قائد الجيش في 10 آذار وتنتهي الزيارة بإطلاق اجراءات عسكرية غير اعتيادية على طريق غدراس وبضرب الحصار عليها.

8-   في 18 آذار أعلن المحقق العدلي انه تسلم التحقيقات الاولية من وزارة الدفاع مع الموقوفين لديها ، علماً ان مكان التوقيف ليس سجناً رسمياً والقائمين بالتحقيقات ليسوا من عداد الضابطة العدلية وفق القانون.

9-   اصدر مجلس الوزراء اللبناني في 23 آذار المرسوم رقم 4908 القاضي بحل ّ حزب القوات اللبنانية بناء على قانون الجمعيات العثماني ، وبطريقة أسوأ من طريقة العثمانين ، وذلك قبل بدء التحقيقات وصدور الحكم النهائي.

10- اعتقال سمير جعجع في 21 نيسان 1994.

وفي الخلاصة، لقد كان واضحا ً أن توجيه الاتهام نحو القوات لم يكن نتيجة التوقيفات والتحقيقات ، لا بل على العكس أوقف من أوقف وكُتب ما كُتب في التحقيق ، لأن المطلوب أساساً هو اتهام القوات اللبنانية. من هنا فإنّ التهمة المختلقة هي الزعم بتورّط القوات في تفجير كنيسة سيدة النجاة ، أما التهمة الحقيقية فهي موقف القوات الرافض لمشروع السيطرة السورية على لبنان .

باسم جميع الذين لوحقوا وأهينوا وأوقفوا وعذبوا ظلماً،

–   أوجـّه ادانتي الشديدة الى رجال المخابرات اللبنانيين الذين جعلوا من الملاحقة والتوقيف والتحقيق مطحنة عمياء تجرّد الانسان من انسانيته والذين فقدوا بالفعل ذاته انسانيتهم . أوجه ادانتي الى هؤلاء الذين استعملوا كل ضروب الشدّة الاهانة والتعذيب من اجل اخضاع مواطنيهم لحكم الوصاية الخارجية ، متناسين أنهم من الشعب نفسه ، مخالفين القوانين والانظمة والمواثيق الدولية بالاضافة الى صوت الضمير وكلام الله .

–   أوجّه إدانتي الشديدة الى هؤلاء القضاة اللبنانيين الموجهين والخائفين الذين سخـّروا ضمائرهم للباطل ، والذين تجاهلوا ان لا أحد يمكنه أن يخنق صوت الحق والعدالة ، وان لا شيء مما يفرزه العنف باستطاعته ان يدوم . لذلك أقول لقضاة لبنان : ان الظلم أفظع من القتل .

أيها الرفاق

في الايام الأخيرة بلغت المزايدات والسجالات ذروتها نتيجة انزعاج البعض، خصوصاً في ضوء تنامي الثورة في سوريا. والمؤسف أن النائب سليمان فرنجية ذهب بعيداً في اللجوء الى لغة نريد أن نتجاوزها وهي لغة القدح والذم بوصفه الدكتور سمير جعجع ومسيحيي 14 آذار بالمرتزقة .

إن هذا الكلام المتجني يسيء الى مبادرة بكركي ويناقض روح لقاءاتها لجهة تخطي اللغة الاتهامية والسعي الى مساحة مشتركة وتغليب الحكمة والحوار والتعقل، لا سيما في هذه المرحلة الدقيقة.

وإني أدعو النائب سليمان فرنجية الى النأي بنفسه عن هذه اللغة ، والى الارتقاء بخطابه السياسي الى مستوى المسؤولية واللياقة والاحترام ، والابتعاد عن منطق التجريح والتحامل .

spot_imgspot_img