spot_img

ذات صلة

جمع

مهرجانات صيف قنات 2024

ككل سنة تتحدى لجنة مهرجانات قنات الأوضاع الصعبة، وتحرص...

مهرجان الطفل في بشري: منصة ترفيهية للأطفال والعائلات

يُعد مهرجان الطفل في بشري ، الذي انطلق قبل...

في عيد القديس شربل… البطريرك الراعي : ” لبنان أرض قداسة وليس أرض حروب ونزاعات وقتل”

توج البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي احتفالات...

قرع ناقوس الخطر: إمّا ان نعالج نفاياتنا على أرضنا أو نغرق بها

        ممّا لا شكّ فيه أنّ التخلّص من النفايات وإعادة تدويرها، هو مشكلة عالميّة، لا سيّما في البلدان النامية، ولبنان هو أحد البلدان التي تعاني مشكلة النفايات، بحيث انه لم توضع حتّى اليوم سياسة عامّة تحمي البيئة وتحافظ على صحة المواطنين عبر إنشاء معامل نفايات وفق المعايير العلميّة الحديثة والمعتمدة في البلدان المتطورة، إذ تشاهد مكبّات النفايات على الشواطئ وفي أعالي الجبال وفي ضواحي القرى والمدن اللبنانيّة.

        أمّا في منطقة بشرّي، فإنّ الحاجة إلى إنشاء معمل لتدوير النفايات تتعاظم يوماً بعد يوم، من أجل الحفاظ على جمال المواقع الطبيعيّة، لا سيّما أنّ المنطقة تختزن غالبيّة الجمالات اللبنانيّة الدينيّة والثقافيّة والطبيعيّة، ويمكن استثمارها سياحيّاً بحيث توفّر فرص عمل للمواطنين للحدّ من النزوح والهجرة. ومن مظاهر مشكلة النفايات في قضاء بشرّي، أنّ بعض البلديّات تعمد إلى إحراق النفايات في أعالي الجبال، وبعضها الآخر يرميه في وادي قاديشا المهدّد بإقصائه عن لائحة التراث العالمي، والعديد منها يدفع أكلافاً باهظة تستهلك القسم الأكبر من ميزانيّته لجمعها ونقلها خارج القضاء. أضف إلى ذلك الأزمات الناشئة عن إقفال المكبّات في الأقضية الأخرى، وما زالت تداعيات إقفال مطمر حامات خلال الصيف المنصرم ماثلة للعيان، حين تكدّست أطنان النفايات في بلدات القضاء خلال أسبوعين، بحيث بُذلت جهود كبيرة من البلديّات والمرجعيّات السياسيّة لتأمين حلول للأزمة الناشئة.

        ولعلّ العقبة الكبرى التي تواجه إنشاء معمل نفايات في القضاء، ناجمة عن تحفظ الأهالي وبعض البلديّات، والخوف الناشئ على المياه الجوفيّة من التلوّث، عندما يبحث موضوع إنشاء معمل للنفايات في القضاء بالقرب من أيّة بلدة تحت مختلف العناوين والحجج. عِلماً بأنّ الدراسات العلميّة المتوافرة، واستشارات الخبراء الجيولوجيّين والبيئيّين، تجزم بأنّه لا خطر بيئيّاً ولا خوف من التلوث أو انبعاث الرّوائح، إذا أقيم المعمل وفق شروط علميّة صارمة. وهنا، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ فرصة نقل النفايات من قضاء إلى آخر تضيق يوماً بعد يوم، والأزمات الناتجة عن ذلك تبدو حقيقيّة، ولا بدّ من التخلّي عن التحفظات التي تبديها بعض البلدات، من أجل تسهيل إقامة معمل للنفايات.

        اليوم، وان كانت نفايات معظم قرى القضاء وجدت ضالتها في مكبّات تستوعبها، الا ان كابوس الغرق بالنفايات من جديد حاضر، اذا ما قرر القيّمون على مناطق المكبات إقفال مستوعباتها، مع ان اتحاد بلديات قضاء بشري بذل المجهود، ووجد حلاً مؤقتاً عبر تجميع البلديات، وأبرم عقداً على ثلاث سنوات مع احد المكبات في الشمال. واذا سلمنا جدلاً ان هناك نيّة كي تفتح المكبات في الاقضية المجاورة ابوابها دائماً، الا انها ستضطرّ قسراً الى الاغلاق، فهناك توجّه على مستوى الدولة والوزارات المعنية بهذا الملف، ولا سيما وزارة البيئة على اقتراح مشروع قانون يحرّم على الاقضية استقبال نفايات غيرها، وبالتالي فإنّ كل قضاء سيتجه حُكماً الى معالجة نفاياته على أرضه.

القوات اللبنانية في قضاء بشري، بالتعاون مع اتحاد البلديات والنائبين ستريدا جعجع وايلي كيروز، عقدوا اجتماعات عدة لحل ّهذه الازمة، وكان المقترح انشاء مصنع للتخلّص من النفايات في قرية بيت منذر. الا ان الاعتراضات بدأت قبل اتخاذ أي قرار، مع أنّ الدراسات العلمية التي أجريت أكّدت على عدم وجود أي ضرر.

هذا الملف طرح للمرة الاولى عام 1998 وتوقّف، ثم أثير من جديد منذ عام تقريباً. المهندس زياد أبي شاكر الذي أشرف على انشاء احد عشر مصنعاً للنفايات في مختلف انحاء لبنان، والذي يشرف اليوم على انشاء أربعة مصانع في قضاء صور، والذي واجه أزمة التخلّص من النفايات مؤخراً، أكّد في حديث الى “مرايا الجبة” أن الدراسات تثبت أنه لا خطر من انشاء المصنع المزمع في قضاء بشري. فالمصنع الذي توقف في السابق، والذي كان من المقرر انشاؤه في بلدة طورزا، توافرت في دراسته جميع الشروط، وحاز كافة التراخيص التي تعطى في حال توافرت دراسة الاثر البيئي المتعارف عليها عالمياً من النقاط الجيولوجية ونوع التربة واتجاه الهواء وغيرها، ضمن دفتر شروط يتألّف من 250 صفحة. ومع ذلك، بقي الاعتراض من الاهالي.

واليوم، وبعد اعداد دراسة جديدة للمصنع في المنطقة التي تبعد حوالى 1200 متر خط نار بعيدة عن المنطقة المأهولة في قرية بيت منذر، لا تزال العراقيل تمنع تحقيقه. ويقول أبي شاكر إن العقد الذي يبرم بين منشئي المصنع والجهات المعنية يتضمن بنودأ جزائية، في حال ظهور أي خلل على مستوى الشروط البيئية والصحية.

وفي انتظار انشاء المصنع، يبقى على المعنيين بذل المزيد من الجهود، من خلال تكثيف الاجتماعات واقامة ندوات التوعية بغية اقناع المواطنين بضرورة انشاء هذا المشروع وحيويته.

                                                                                                              رياض طوق

المادة السابقة
المقالة القادمة
spot_imgspot_img