مع تولّي المجلس البلدي الحالي لمُقَدَّرات البَلدَة، كان لا بدَّ من الإلتفات إلى القضايا الحَيَوِيَّة المُلِحَّة أوَّلاً بأوَّل.
فبعدما شارَف مشروع انشاء مستودع يضم محول كهرباء، لتشغيل مضخة مياه الشفة العمومية على الإنتهاء، و قد بَلَغَت كلفَته الإجمالِيَّة مئة وخمسة عشر مليون ليرة لبنانية، تمَّ تأمينها بالكامِل من قِبَل مصلَحَة المياه في الشمال، سوف يصبح بالإمكان ضخّ المياه كلَّما كان التيّار الكهربائي مُؤمَّناً، لأجل توفير هذه المادَّة الحيويَّة للأهالي و المصطافين على مدار الساعَة.
و عليه، فبعد أن حُلَّت المعضلَة المُزمِنَة لمياه الشفَة في حدث الجبَّة على عهد المجلس البلدي السابِق، الذي قام بالتعاون مع مصلحَة مياه جبَّة بشرّي، بحفر بئر مياه إرتوازي و إنشاء شبكة جديدة لمياه الشَفَة، كانَت الخطوَة الثانِيَة تقضي بإنشاء بحَيرَة إصطناعِيَّة مكشوفَة، من أجل تأمين كمِّيَة المياه اللازِمَة لريّ الأراضي الزراعِيَّة، علماً بأنَّ إنشاء هذه البُحَيرَة، يتمّ بالتعاون مع اتِّحاد بلديات قضاء بشرّي، حيث يتولّى الإتِّحاد تمويل تكاليف العَمَل و الإنشاءات بكلفَة تبلَغ 300,000,000 (ثلاثمئَة مليون ليرَة لبنانِيَّة)، بينما يتولّى المَجلس البلدي شراء و استملاك نحو عشرين عِقاراً بمساحَة حوالى 15000 متراً مُرَبَّعاً و بكلفَة تبلغ 170,000,000 (مئَة و سبعون مليون ليرَة لبنانِيَّة)
تجدر الإشارَة إلى أنَّ المُديرِيَّة العامَّة لوزارَة الطاقَة و المياه، بِشَخص الدكتور فادي قمير والفريق المُعاون له، قد تكرَّمَت بإجراء الدراسَة و إنجاز دَفتَر الشروط اللازِمَين لهذا المَشروع، و ذلك على نفقة الوزارَة المَذكورَة.
كما أنَّ المَجلس البلدي، يقوم حالِيّاً بالتعاون مع جمعِيَّة قلب يسوع في البلدَة، بتمديد شبكَة ريّ، تصل الينابيع و مصادر المياه في البلدة بعضها ببعض، بحيث لا يعود ثمَّة هدر في المياه، علماً بأن هذه الشَبَكَة يجري تنفيذها على مراحل، و هي ستكون جاهِزَة للتشغيل عندما يتمّ إنجاز مشروع البحيرَة الكبرى؛ بحيث يكفي عندها وصل تلك الشبَكَة بالبحيرَة لكي يكتمل مشروع الرَيّ بكلّ مكوِّناته.
من جِهَة أخرى، فلَقَد قامَ المَجلس البلدي، بعد الإنتهاء من دراسَة استغرَقَت الكثير الوقت و الجهد والأبحاث، بإنشاء شبكة تمديدات كهربائية، وفقاً لأحدَث المعايير المُعتَمَدَة عالَمِيّاً، من أجل تشغيل مُوَلِّدَين كلّ واحِد بقوَّة /250/KVA أيّ ما مجوعه /500/KVA لأجل تأمين التغذِيَة بالتيّار الكهربائي بأسعار جدّ مَدروسَة للمواطنين، بأفضَل الشروط، مع الحرص على عدم التسبّب بأيَّة مُزاحَمَة في غير محلّها لباقي العاملين في هذا المَجال.
وسوف يُساهم هذا المَشروع في إنارَة الساحات و الشوارع العامة للبلدة. الأمر الذي ينعكس إيجاباً على حركة الإصطياف في البَلدَة التي يعمل المجلس البلدي على إعادَتها إلى الخريطَة السياحِيَّة كما يأتي لاحِقاً في هذا المَقال. و يعود الفَضل في إنجازه إلى مُغتَربي البَلدَة في كلّ من أوستراليا و كندا و جنوب أفريقيا.
هذا و قد أنجَزَ المَجلِس البلَدي مَشروع تأهيل الطرقات الزراعِيَّة، بحيث أقام عدَّة عبّارات من قساطل الباطون في أمكِنَة كانَت موضع تشكٍّ منذ أمَد بعيد.
يسعى المَجلِس البلدي حالِيّاً لإيجاد التمويل اللازِم من أجل تعبيد طريق زراعي يربط كافَّة المناطِق الزراعِيَّة بعضها ببعض، علماً بأنَّ هذا الطريق ملحوظ في خرائِط المساحَة، و لا يحتاج لأيَّة استملاكات.
هناك أيضاً عدَّة أمور روتينِيَّة يقوم بها المجلس البلدي كمثل التنظيفات وتلزيم جمع النفايات ونقلها إلى خارج القضاء وفقاً للمُناقَصَة التي أجراها إتِّحاد البلَدِيّات، و قد بَلَغَت قيمَة التلزيم /36000000/ (ستَّة و ثلاثين مليون ليرَة لبنانِيَّة) سنوِيّاً و أيضاً إنشاء حديقَتين عند مَدخَلَي البلدَة الشمالي و الجنوبي، إضافَة إلى صيانَة الطرقات و المجارير و حيطان الدَعم و إقامَة المهرجانات السنويَّة، و صرف بعض الإعانات لمُستحقّيها و شراء بعض المعدّات و المُستَلزمات.
المَشروع الكبير: متحف ذو طابع تراثي
بالنسبة الى الارث الثقافي والديني والتاريخي الضخم الذي تحمله بلدة جبة بشري، وانسجاما مع الامكانات الهائلة التي للمنطقة خصوصا مع تصنيف وادي قاديشا ضمن التراث العالمي للاونيسكو وبالنظر لقرب البلدة من غابة ارز الرب ومتحف جبران وبقاعكفرا بلدة القديس شربل، وايضا غابات ارز حدث الجبة، والتزاما بالبرنامج الذي نال المجلس البلدي ثقة ابناء البلدة، والذي جاء نتيجة دراسة طويلة قبل ان باخذ هذا المشروع شكله النهائي، كان لا بد من اقامة متحف محلي يُنشأ في بيت له طابِع تراثي، ويضمّ بعض الموجودات التي اكتشفت في مغارة العاصي والموجودة في المَتحَف الوطني، أو نسخ طبق الأصل عنها، تروي تفاصيل أحداث مغارَة العاصي الشهيرة ويكون في الوَقت عينه مركزاً لاستقبال السيّاح و تعريفهم إلى معالم البَلدَة السياحِيَّة المُتَعَدِّدَة من خلال استحداث وظائِف أدِلَّة سياحيين و أيضاً تعريفهم إلى منتوجات البلدَة. إلى جانِب ساحَة عامَّة جديدَة و مسرَح بلدي و موقف للسيّارات و مركز تجاري يضمّ مؤسَّسات سياحِيَّة و حمّامات عمومِيَّة و مَحطَّة للركاب أو المُسافرين.
قد يستَغرِق العَمَل على هذا المَشروع السنوات الخَمس المُتَبَقِّيَة من ولايَة المَجلس البَلَدي و تبلَغ تكاليفه زهاء سبعمئَة ألف دولار أميركي، يُعَوَّل من أجل تأمينها على حسن إدارَة المَجلس البلَدي للمال العام، من جِهَة، و لكن أيضاً و خصوصاً على تعلّق أبناء الجالِيَة الحدَدِيَة في بلاد الإغتراب ببلدَتهم وأرض أجدادهم و محبّتهم لأهلهم و وطنهم، و هم لم يوفِّروا فرصَة للتعبير عن هذه المَحَبَّة كلَّما دَعت الحاجَة.
المُحامي جورج بولس الشدراوي
رئيس بلدِيَّة حدث الجبَّة