spot_img

ذات صلة

جمع

قرار جديد من مجلس شورى الدولة لصالح بلدية بشري.

صدر عن بلدية بشري البيان التالي : بعد أن تقدمنا...

حملة فحص اسنان مجانية لتلاميذ المدارس الرسمية

تحت عنوان "صحتك خط أحمر"، وضمن الندوات الطبية التي...

شكر وتقدير الى العاملين في مركز جرف الثلوج في الأرز

التقت النائب ستريدا جعجع في معراب رئيس مركز جرف...

” صحتك خط أحمر “

القوات اللبنانية مركز بشري وبالتعاون مع مستشفى بشري الحكومي...

أنطوان الخوري طوق

رجل التواضع الرائد في التضحية

رجل الخير العام، أعماله تشهد له عن مدى حـبّه لبلدته وأهلها

منذ صغره وهو متعبّد للعذراء مريم، سلـّمها حياته، وهي رسمت له الطريق. بإرادتها وارادة ابنها يسوع حقّق في حياته ما تعجز الدولة عن تحقيقه. انها العناية الالهية التي تفعل فعلها في الأشخاص المؤمنين، ولولاها  “لا أنطوان ولا أكبر من انطوان قادِر يحَقّق وحدو كل اللي عملتو بحياتي “.

كثيرون انتقدوه، وأسمِعَ الكثير من الكلام، ولو اراد ان يسمع لهم، لكان تـرك وهاجـر. لكنّ قوّة ايمانه، وحبّه للخير العام ولبلدته، وتخاذل مسؤوليها تجاه مسؤولياتهم، اعطوه الدفع لتحقيق هذه المشاريع الخيرية والتربوية والدينية والاجتماعية.

أنطوان الخوري طوق الرجل المتواضع، الذي نُعِت “بالمجنون” لكثرة حبّه للخير العام ولبلدته، والذي قيل فيه انه “ولد يريد ان يحكم بلدا”، اثبت بحكمته وصبره، وقـلـة كلامه، انه رجل عاقل، رجل عمران، ورجل الأحلام الذي يعرف كيف يحققها، لا سيّما انها انعكست نهضة حقيقية في بشري، في زمن الحرمان والصراعات العشائرية، وسياسات الزواريب والاحياء.

بداية العمل في الشأن العام

يخبر السيد انطوان الخوري طوق، ان والده الخوري يوسف طوق كان وكيلا لكنيسة السيدة خلال خمسينيات القرن العشرين، فتشرّب على يديه الايمان وحب العذراء مريم والتعلّق بها . في تلك المرحلة، كان هناك جوّ قداسة في البيوت والمجتمع، كان يوجد محبة حقيقية بين الناس. “أنا منذ صغري تحَمّلت مسؤولية نفسي، وصودف ان تعرضت لحادثة في المنزل نتيجة تطاير شرارات النار من الموقد باتجاه عينيّ ففقدت النظر، وخضعت لعمليتين عند طبيب فرنسي في باب ادريس، ونجوت بأعجوبة العذراء مريم، لكنني لم استطع اكمال دراستي،بسبب الأثر الذي تركه الحادث في عينيّ.         

بدأت العمل بالاتكال على نفسي. وفي احدى العظات التي كان يلقيها والدي في القداس، قال كلمة دخلت في صميم تفكيري، وكأنها كانت الاشارة التي رسمت طريق عملي. قال: “إنّ كنيسة السيدة في بشري اصبحت صغيرة ولم تعد تتسع لجميع المؤمنين، واثناء الجنازات كان المعزّون يبقون في الخارج، ومرّات كثيرة كانوا يبقون الميت خارج الكنيسة، إن في كنيسة مار سابا او في السيدة، بسبب صغر كنائسنا، فمن واجبنا توسيع الكنائس في بشري”. هكذا كان الامر، وانطلقت من هذا الفكرة وكأنها وَحي لي. وصودف انه كان معي 700 ليرة لبنانية، فقررت البدء بتوسيع كنيسة السيدة. ولكي لا ادخل في التفاصيل المُملّة، ولأنه لا يحدث شيء الا بارادة الله والعذراء، قررت ان أتحمّل المضايقات والكلام المشكك. ولأنني شعرت بان المشروع هو حيوي لبشري، باشرت العمل في توسيع كنيسة السيدة. ولأن النيّة صافية والهدف شريف، أصبحت الامور تتيَسّر معنا اكثر فأكثر.

المدرسة والكنيسة وبيت العجزة

بدأنا بهدم الكنيسة القديمة، وبمعونة السيدة العذراء تمكنت من استملاك 31 عقاراً في محيط الكنيسة، معظمها تـبرّع بها اصحابها على نيّة عيالهم ، ودفعت ثمن القليل منها. وخلال العمل في الاساسات، وُلدَت فكرة بناء المدرسة. يومها، في الستينيات، كان هناك مدرسة صغيرة عند توفيق جعجع، ولا تتسع لأعداد كبيرة من الطلاب. فقلت في نفسي يجب بناء مدرسة هنا تحت الكنيسة مع مسرح وملعب داخلي، لنفسح المجال امام اجيال بشري كي يتعلّموا في مدرسة محترمة تليق ببشري. وهكذا كان، وبتدبير من “أمّنا مريم العذراء” شيّدنا طابق المدرسة. ووصلنا الى الكنيسة، وتعاونت مع المهندس الايطالي بدرو أريكوني لوضع تصاميمها. لقد كان مصمّما على الاشراف على تنفيذ مراحل البناء، لكن بسبب الحرب ترك لبنان ولم يعد، وأكملت انا المشروع، وقد استقدمت احجار الكنيسة من بلدة عين عار قرب بكفيا، قدمها كلها أصحاب المعمل مجاناً، لأنها تخصّ الكنيسة. أمّا المبنى الذي تحوّل الى دار للعجزة، فكان في السابق مدرسة قديمة يدرس فيها الطلاب اللغة السريانية، فحوّلتها مؤقتاً الى كنيسة خلال العمل في الكنيسة، ومن بعدها خصّصت المبنى لمأوى العجزة، ونجح المشروع. وعندما فكرت في إيجاد مبنى أكبر، ولدت فكرة مشروع مار ماما الذي سيضمّ مستشفى أيضاً.

مشروع مار ماما

هو من ضمن روزنامة المشاريع التي كنت قد وضعتها في بالي وقلبي، وهذا المشروع ليس لبشري وحسب، بل لكل ابناء المنطقة. وبسبب الاحداث اللبنانية وانقطاع التواصل بين المناطق، وحاجة بشري والمنطقة الى مستشفى، قررت تنفيذ هذا المشروع. وإذا سألتني ما هو رأسمالك او الميزانية التي وضعتها لتنفيذه، اقول لك على الفور أن رأسمالي كان وما زال ايماني بالله وبالعذراء. وبالتالي فإنّ التكاتف والتضامن والتعاون بين ابناء بشري والخيرين منهم، هو الذي يُلهم البشر على اعمال الخير والمساعدة في سبيل الصالح العام. واود ان اذكر هنا، ان الموقع الذي انشأت عليه مبنى المستشفى، لم يكن ملكا لوقف السيدة، بل كان معروضاً للبيع، وأنا الذي ثبته على اسم الوقف، واقولها بكل راحة ضمير، إنه لم يكن احد يريد ان نفعل شيئا، وقيل ان المستشفى ستهبط لأنّ الشير الذي بنيت عليه ليس قويّاً ولا يتحمّل ثِقل المبنى !. المستشفى وضع تصميمه مهندس ايطالي، واتخذ كل الاحتياطات الهندسية للحفاظ عليه. لكن بسبب الاحداث، عاد الى بلاده، فأكملت المشروع  مع المهندس فهد طوق “.  

وعن دور المغتربين في دعم جهوده ومشاريعه، قال السيد أنطوان طوق: “لقد زرت استراليا مرتين، حاملا معي لابناء بلدتي مشروعا هو قيد التنفيذ، ولم اتفاجأ بتجاوبهم السريع معي، لانهم ما زالوا يحملون في قلوبهم حبهم لبلدهم وبلدتهم، وشعرت انهم على استعداد للمساهمة في كل مشروع يساهم في تطور بلدتهم، شرط أن تكون النوايا صادقة. اذاً، التجاوب كان كبيرا، حتى أن المساهمات لم تكن من المسيحيين فقط، بل شملت مسلمين تبرّعوا لمشروعنا إيمانا منهم بانسانيته، وحاجته الملحة لمنطقة بشري. تجربتي مع أهلنا في استراليا، أفتخر بها، كما أفتخر بهم كجالية لها مكانتها. لقد شاهدت اندفاعهم بأمّ العين في سبيل الخير والمصلحة العامة، وأعود وأكرر شكري لهم على الثقة التي أولوني اياها، وأخصّ بالذكر رابطة شباب بشري وجمعية سيدات بشري ونادي الشبيبة البشراوية، وجميع أبناء منطقة بشري.

دروس وعبر

صحيح أنني تحمّلت الكثير خلال مسيرة حياتي، وصحيح انه ارتكبت شواذات كثيرة بحقّي لا سبيل لذكرها هنا، لكن ما ذكرته آنفا أعود وأكرره، انه لولا معونة السيدة العذراء، لما كانت الامور سارت كما هو مرسوم لها. لقد كنت وحيداً في مختلف المشاريع التي نفذتها، ولم يكن أحد ليصدق أنني قادر على تنفيذ ما كنت اخطط له: كنيسة ومدرسة وبيت للعجزة ومستشفى فيه طابقان للعجزة والمعاقين… كنت احارب وحدي من أجل مصلحة بشري. خمسون سنة كنت فيها وكيلا لوقف السيدة، ولم أعـيّـن من قبل أحد. فإذا كنت قد أخطأت بنسبة خمسة في المئة، فليحاسبوني أمام الرأي العام البشراوي. صلواتي اليومية أقدمها لراحة أنفس الكهنة السابقين، لأنهم كانوا قديسين في حياتهم ومسيرتهم، كذلك أقدم صلواتي للناس العاديين والبسطاء الذين ساعدوني، وقدموا ما ملكت أيديهم من مساعدات، أذكرهم دائما في صلواتي، لانهم اعطوني الـدفع والتشجيع. انا نفذت هذه المشاريع باموال الناس، كنت استدين المال منهم من دون فائدة للاسراع في تنفيذ الاعمال التي أقوم بها. كثير من الاشخاص قدّموا معـداتهم مجّانا ً للعمل معي، كما قدّم أصحاب العقارات المحيطة بالكنيسة عقاراتهم مجّانا لتوسيع الكنيسة، هؤلاء لهم الفضل اكثر مني، لأنهم آمنوا بانّ ما نقوم به هو لمصلحة بشري، ولتكريم أمنا مريم العذراء التي لولا عنايتها لما كنّا بَقينا في هذه الارض.         

spot_imgspot_img